في إطار التزام دولة الإمارات العربية المتحدة بالتعهدات الدولية لحماية السكان من الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والتطهير العرقي والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية، على نحو ما تم إقراره من قبل جميع رؤساء الدول والحكومات في «القمة العالمية»، التي عُقدت في الفترة 14 -16 سبتمبر 2005 في مقر الأمم المتحدة بنيويورك وحضرها أكثر من 170 رئيس دولة وحكومة، جاء تأكيد دولة الإمارات في اجتماع الجمعية العامة (02 يوليو 2024)، أهمية دور مجلس الأمن في منع ارتكاب تلك الفظائع والاستجابة لها، وضرورة تطوير آليات الإنذار المبكر وتحديد الأسباب الجذرية للنزاع، وذلك في بيان ألقاه أمام الجمعية العامة السفير محمد أبوشهاب، مندوب الدولة الدائم لدى الأمم المتحدة. وإدراكاً من دولة الإمارات، لحالة الانقسام السياسي في هيئات صنع القرار الرئيسية مثل مجلس الأمن الدولي، وانحسار احترام القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان والتجاهل المتعمد للمبادئ الأساسية للقانون الدولي في العديد من الصراعات المسلحة التي اشتعلت في السنوات الأخيرة، أعلنت الإمارات دعمها للمبادرة التي قادتها فرنسا والمكسيك لاقتراح تعهُّد الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن بالامتناع طوعاً عن استخدام حق النقض في القضايا التي تنطوي على فظائع جماعية.

وفي بيانها أمام الجمعية العامة، أكدت دولة الإمارات أن المسؤولية عن الحماية تتطلب تطوير آليات قوية للإنذار المبكر لتعزيز الوقاية والحماية، وفي هذا الخصوص تبني دولة الإمارات دعوتها على مواقفها السابقة التي ركزت على: أولاً- إنشاء آليات متفق عليها لجمع البيانات، تُسهم في تمكين المجتمع الدولي من الاستجابة للتطورات المهمة بشكل فوري ومسؤول، وأيضاً إلى تعزيز المنظمات الدولية للأطر القانونية.

ثانياً- دور المدنيين أثناء مرحلة جمع البيانات وفهم التطورات على أرض الواقع في مجالات الإنذار المبكر والتقييم وتنبيه المجتمع الدولي، وعدم التعامل مع المدنيين كمجرد مستفيدين لا رأي لهم، بل كشركاء، وذلك في ضوء مساهمة العمل المدني في منع وقوع الجرائم الفظيعة.

ثالثًا- تعزيز دور المرأة في منع الجرائم الفظيعة، بما في ذلك مشاركتها الكاملة في عمليات السلام، باعتبارها عناصر وقائية فاعلة، تُسهم في تقليص تعرُّض المجتمعات لمخاطر العنف إلى حد كبير، ودعت في هذا السياق أيضاً إلى أن تشمل جهود الوقاية دوراً ثابتاً للشباب من خلال المؤسسات. وانطلاقاً من الإقرار بأن المسؤولية عن الحماية، والتي تنقسم إلى ثلاثة نطاقات: مسؤولية كل دولة عن حماية سكانها، ومسؤولية المجتمع الدولي عن مساعدة الدول في حماية سكانها، ومسؤولية المجتمع الدولي عن الحماية عندما تفشل الدولة بوضوح في حماية سكانها، قد فشلت أو واجهت عقبات كبيرة، فقد لفتت الإمارات إلى أهمية ذلك في نقطتين مركزيتين: الأولى: أهمية الترتيبات الإقليمية وشبه الإقليمية، وربطها بعملية صنع القرارات المتعلقة بالإجراءات المبكرة لمنع ارتكاب الفظائع والتصدي بطريقة فاعلة لمخاطر الجرائم الفظيعة وإمكانية تطوير هذه الترتيبات بشكل أكبر من خلال مراجعة وتعزيز القدرات الوقائية وتبادل أفضل الممارسات مع الدول الأعضاء، من خلال نقل الحوار المتعلق بالمسؤولية عن الحماية إلى خارج نيويورك، أي إلى الأقاليم والعواصم من أجل إيجاد حلول على المستويين الإقليمي والوطني. الثانية: أن مساعدة الدول في الوفاء بمسؤولياتها في مجال الحماية، ينبغي أن تحترم مبدأ السيادة الوطنية، وأن أي إجراء دولي جماعي ينبغي أن يستخدم مجموعة كاملة من التدابير الدبلوماسية والسياسية والإنسانية، وأنَّ القوة العسكرية ينبغي ألا تعتبر إلا الملاذ الأخير، كما يتعين أن يقترن ذلك بتصريح من مجلس الأمن، ما يُعزز من أدوات المجلس في الاستجابة للأزمات.

أخيراً تطرح الإمارات رؤيتها حول دور المصالح السياسية القوية من جانب الدول الكبرى التي تعمل على مكافحة العمل المبكر لمعالجة الحالات التي يتعرض فيها السكان للخطر، وعن جدوى المسؤولية عن الحماية كقاعدة في ظل الواقع الجيوسياسي الحالي، لا سيما حول من يتحمل مسؤولياتها، وأيضاً حول الأدوات الصحيحة التي يمكن استخدامها لحماية المدنيين من الجرائم الفظيعة. 

*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدرسات والبحوث الاستراتيجية.