في الشهر الماضي، منح زعماء الكونجرس من كلا الحزبين تكريماً نادراً لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من خلال دعوته إلى إلقاء كلمة أمام اجتماع مشترك للكونجرس. ومن خلال هذا الخطاب، المقرر إلقاؤه في 24 يوليو، يمنح الكونجرس نتنياهو منصة للتدخل في السياسة الأميركية، كما فعل من قبل. وكما يفهم «الديمقراطيون» الذين يدرسون الآن ما إذا كانوا سيقاطعون الخطاب بوضوح، فإن العواقب قد تكون وخيمة.
إذا استخدم نتنياهو خطابه لتقويض الجهود الدبلوماسية لإدارة بايدن ومهاجمة منتقديه «الديمقراطيين»، فقد يؤدي ذلك إلى زيادة تسييس العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، مما يؤدي إلى الإضرار بها على المدى الطويل. يشعر العديد من «الديمقراطيين» في الكابيتول هيل بالإحباط؛ لأن زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ «تشارلز إي شومر» (ديمقراطي - نيويورك) وافق على اقتراح رئيس مجلس النواب «مايك جونسون» (جمهوري - لوس أنجلوس) لتكريم نتنياهو بإلقاء رابع خطاب أمام جلسة مشتركة، متجاوزاً سجل ونستون تشرشل. على أي حال، كان شومر نفسه هو الذي ألقى خطاباً في مارس دعا فيه إلى إجراء انتخابات جديدة في إسرائيل، ووصف نتنياهو بأنه «عقبة أمام السلام». أخبرني عدد من «الديمقراطيين» أن شومر كان محاصراً سياسياً، ولا يريد أن يبدو مناهضاً لإسرائيل في عام الانتخابات برفضه. وفي بيان، قال «شومر» إنه وافق؛ لأن «علاقة أميركا مع إسرائيل متينة، وتتجاوز شخصاً واحداً». وقد أخبرني العديد من كبار «الديمقراطيين» أنهم لم يقرروا ما إذا كانوا سيحضرون أم لا؛ لأنهم يتوقعون أن نتنياهو سيستخدم الخطاب لمهاجمة إدارة بايدن و«الديمقراطيين». وفي عام 2015، استخدم نتنياهو خطاب جلسة مشتركة للضغط ضد الاتفاق النووي الإيراني، الذي كان آنذاك المبادرة الدبلوماسية العليا لإدارة أوباما. وقد تغيب 58 «ديمقراطياً» عن حضور هذا الخطاب. وهذه المرة، يمكن أن يكون العدد أعلى. كان خطاب نتنياهو أمام الكونجرس عام 2015 خطأ بالنسبة له ولإسرائيل، كما أخبرني السيناتور «كريس مورفي» (ديمقراطي - كونيتيكت)، الذي يميل إلى حضوره. وقد فشلت مهمة نتنياهو في إفشال الاتفاق الإيراني. وأدى الجدل المحيط إلى تعميق التصدعات بين عناصر المؤسسة السياسية الأميركية وإسرائيل لسنوات قادمة. وقال مورفي: «كنت أتمنى أن يكون قد تعلم درسه، لكنني لا أعتقد أنه يسترشد بما هو الأفضل للعلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل»، مضيفاً أن ما يرشد نتنياهو هو البقاء في السلطة. وأردف: «أنا قلق للغاية بشأن ما سيقوله، وأنه سيؤدي فقط إلى تفاقم المشاكل التي تواجهها إسرائيل في الولايات المتحدة وحول العالم». إن «الديمقراطيين» في مأزق. فإذا قاطعوا نتنياهو، فإنهم يعرضون أنفسهم لهجمات من اليمين باعتبارهم مناهضين لإسرائيل. وإذا حضروا، فإنهم يواجهون انتقادات من اليسار التقدمي باعتبارهم دعامة للهجوم على حزبهم. أخبرني السيناتور «كريس كونز» (ديمقراطي - ديلاوير) أنه التقى الأسبوع الماضي بسفير إسرائيل لدى الولايات المتحدة «مايكل هيرزوج» للتعبير عن مخاوفه بشأن الخطاب. وقال «كونز» إنه لن يلتزم بالحضور حتى يتم التأكد من أن نتنياهو لا يخطط لاستخدامه كممارسة حزبية ومثيرة للانقسام. وقال كونز: «إذا كان هذا يشبه خطاب عام 2015، فهو غير مرحب به وغير بناء». وأضاف: «إذا كان رئيس الوزراء سيأتي للإعلان عن خطة ملموسة للإغاثة الإنسانية أو الحكم الذاتي الفلسطيني أو مسار للمضي قدماً في المنطقة، فأنا سأكون مهتماً». يمكن أن يفضل نتنياهو استغلال الخطاب لتقديم الشكر للشعب الأميركي على دعمه، وتأييد نهج إدارة بايدن ووضع رؤيته لمستقبل العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية، كما اقترح بعض المعلقين الإسرائيليين. لكن ليس هناك ما يشير حتى الآن إلى أنه مستعد للقيام بذلك. وخلال رحلة وزير الخارجية أنتوني بلينكن إلى المنطقة هذا الأسبوع، لم يؤكد نتنياهو حتى ادعاء بلينكن بأن إسرائيل تشارك في خطة وقف إطلاق النار التي طرحها الرئيس بايدن علناً قبل ثلاثة أسابيع، والتي أيدها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بأغلبية 14 صوتاً. وبطبيعة الحال، لم تقبل «حماس» اقتراح وقف إطلاق النار أيضاً، وردت هذا الأسبوع بتوضيح التغييرات المطلوبة. كما أن مقاومة نتنياهو لمقترحات بايدن لا تغير من حقيقة أن «حماس» تتحمل مسؤولية بدء الحرب، واختطاف الرهائن.
لكن من خلال دعوته في هذه اللحظة بالذات، فإن «الجمهوريين» في الكونجرس لا يساعدون نتنياهو في تقويض الاستراتيجية الدبلوماسية لإدارة بايدن فحسب، بل يمدونه أيضاً بشريان حياة سياسي، كما قال السيناتور «كريس فان هولين» (ديمقراطي - ماريلاند)، الذي لم يقرر أيضاً ما إذا كان سيحضر الخطاب. قال لي فان هولين: «كل شيء يشير إلى حقيقة أن نتنياهو يركز على بقائه السياسي على حساب مصالح إسرائيل، وعلى حساب العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل».
وأضاف: «لا ينبغي لنا أن نكون جزءاً من تعزيز أجندته». ونأمل أن يتوصل الطرفان إلى اتفاق لوقف إطلاق النار قبل خطاب نتنياهو، الذي تم تأجيله من 13 يونيو؛ بسبب عطلة عيد الأسابيع اليهودية.
ومن شأن ذلك أن يغير الجو بشكل كبير. ولكن إذا كان الوضع حينها هو نفسه تقريباً كما هو اليوم، فإن الجمهوريين سيمنحون نتنياهو غطاءً لمقاومة أي ضغوط من فريق بايدن. وربما هذا هو هدفهم.
ومع ذلك، يجب على المشرعين أن يسألوا أنفسهم ما إذا كانت الفائدة السياسية قصيرة المدى لهذا التكتيك تستحق الضرر المحتمل على المدى الطويل. ما يختلف عن عام 2015 هو أن مكانة إسرائيل بين الجمهور الأميركي الأوسع أصبحت موضع شك أكثر من أي وقت مضى. وينبغي أن يكون هدف كلا الطرفين هو الحفاظ على دعم الحزبين لعلاقة قوية بين الولايات المتحدة وإسرائيل للأجيال القادمة. وقد يكون خطاب نتنياهو بمثابة خطوة من شأنها أن تؤخر تحقيق هذا الهدف. جوش روجين*
كاتب أميركي متخصص في السياسة الخارجية والأمن القومي.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسنج آند سينديكيشن»