تحظى قضية «اختلاف الأجيال» بأهمية كبيرة لدى علماء الاجتماع بصورة عامة، لما لكل جيل من خصائص هي محط الاهتمام، لتأثيرها البالغ على سلوك وتطور المجتمع. فالفهم الدقيق للسمات الرئيسية لكل جيل تسمح للعلماء المتخصصين بالوقوف على أسلوب تفكير أفراد كل جيل ونمط حياته. وقد قام العلماء المتخصصون بتقسيم الأجيال إلى خمس فترات رئيسية هي: جيل طفرة المواليد ويتركز في الفترة من منتصف أربعينيات القرن الماضي إلى نهاية عام 1964، ثم الجيل X المولود بين عامي 1965 و1980، فالجيل Y أو جيل الألفية وهم المواليد بين عامي 1981 و1996، ثم أفراد الجيل Z وهم مواليد الفترة بين عامي 1997 وأوائل منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. ثم جيل «ألفَا» الذين ولد في الفترة من 2010 إلى 2024. وتتركز غالبية الدراسات الاجتماعية على الجيلين Y وZ بالنظر إلى معاصرتهما العديدَ من الأحداث العالمية التي غيّرت مجرى التاريخ المعاصر.
وعلى سبيل المثال، يوجد في الولايات المتحدة الأميركية حالياً ما يقارب 80 مليون فرد من جيل الألفية (Y)، وما يقارب 90 مليون فرد من الجيل Z. وبالنسبة للجيل الأول، فقد بلغ معظمُ مواليده سن الرشد ودخلوا سوق العمل وهم يواجهون ذروة الركود الاقتصادي، كما كانوا أول جيل نشأ في عصر «الإنترنت»، لكنهم عاصروا الحياة قبل وسائل التواصل الاجتماعي. ومن المنظور السياسي، كانت أعمار معظم جيل الألفية تتراوح بين 12 و27 عاماً خلال انتخابات الرئاسة الأميركية لعام 2008، وكان لهم تأثير سياسي ملحوظ وكبير أدى إلى المساهمة في انتخاب أول رئيس أميركي أسود.
أما مواليد الجيل Z فهم الجيل الأول من «المواطنين الرقميين العالميين»، الذين لا يستطيعون العيش من دون «الإنترنت». وسوف يتفوق مواليد هذا الجيل قريباً على جيل الألفية، باعتباره الجيل الأوسع عدداً على وجه الأرض، حيث يَعتبر أكثرُ مِن ثلث سكان العالم أنفسَهم مِن الجيل Z. كما أنهم عاصروا آثار تغير المناخ وانتشار وباء «كوفيد - 19» وأزمة تكلفة المعيشة خلال سنوات تكوينهم، مما أثَّر بشكل عميق على شخصيتهم وقيمهم. وفي الوقت نفسه، هناك جيل متنامٍ لم يسمع عنه سوى القليل من الناس، وفي غضون السنوات القليلة المقبلة سوف يفوق عدد أفراده عدد مواليد «طفرة المواليد»، وسيعيش الكثيرُ منهم ليروا القرن الثاني والعشرين. والمقصود هنا جيل «ألفا»، وأبناء الجيل Y، أولئك الذين ولدوا في الفترة من 2010 إلى 2024.
ويولد أكثر من 2.8 مليون شخص على مستوى العالم كل أسبوع، وبنهاية عام 2025 سيكون عددهم حوالي 2 مليار، وهو أضخم جيل في تاريخ العالم. وينظر العلماء إلى جيل «ألفا» باعتباره الجيل الأكثر ثراءً مادياً على الإطلاق، والأكثر ذكاءً من الناحية التكنولوجية على الإطلاق، وسوف يتمتعون بعمر أطول من أي جيل سابق، وسيبقون في التعليم لفترة أطول.
تلك نظرة سريعة على سمات أجيال البشرية التي حددها علماء الاجتماع منذ نهاية حدث عالمي غيَّر وجهَ الأرض، ألا وهو الحرب العالمية الثانية، ولطالما كان للحروب تأثيرها في المجتمعات على المستويات كافة.