مما لا ريب فيه أن الاستثمار في العنصر البشري هو أساس المستقبل لأي مجتمع يطمح إلى الريادة والقيادة في مختلف المجالات، وخاصة العلمية والبحثية. وهذا تحديداً ما تقوم بإنجازه جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا منذ تأسيسها في عام 2007، إذ نجحت الجامعة، بفضل العديد من العوامل، في تبوء المركز الأول للسنة السادسة على التوالي على مستوى دولة الإمارات العربية المتحدة، والمركز الـ230 عالمياً في تصنيف «كيو إس» لأفضل الجامعات العالمية لعام 2024. ومن أبرز العوامل التي ساهمت في هذا الإنجاز هو الدعم غير المحدود من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، للجامعة، بجانب اختيار الكوادر الوطنية المتميزة والمناسبة لقيادة دفة الجامعة نحو التميز، وتركيزها على البرامج البحثية والأكاديمية التي تتناول حزمة كاملة من الموضوعات والقضايا الاستراتيجية والعلمية والصناعية الخاصة باقتصاد المعرفة في دولة الإمارات العربية المتحدة. والهدف الأسمى للجامعة هو تسهيل دخول الخريج المواطن إلى أماكن العمل مزوداً بالعلم والمهارات التي تساهم في تطور مسيرة الإمارات.
ومؤخراً شرُفت بزيارة إلى بعض أبرز مرافق الجامعة، والتي لها بصمة علمية وعملية، محلياً وعالمياً، حيث تضمنت الزيارةُ مرفقين علميين على درجة كبيرة من الأهمية لما لهما من دلالة ساطعة وقوية على الرؤية المستقبلية للجامعة فيما يتعلق بمساعدة الجهات الوطنية على تحقيق التميز، إلى جانب تأهيل وإعداد الكوادر الوطنية في أهم مجالات العمل.
وتقوم الجامعة بتوفير البنية العلمية والعملية في العديد من مجالات عمل شركة «ستراتا» الوطنية المتخصصة في تصنيع أجزاء من رئيسية من الطائرات. ومن خلال هذا التعاون، تقوم الجامعة بتطوير أنظمة آلية بالكامل لحفر وتركيب الألواح المستخدمة في تجميع هياكل الطائرات، بجانب تطوير نظام للتنبؤ بالحشوات المطلوبة أثناء تجميع الهياكل المعقدة، وإجراءات تطبيق تقنية التصوير الحراري لإجراء فحص سريع وموثوق لأجزاء الطائرات. وتهدف هذه العمليات إلى توفير الوقت والمال لشركة «ستراتا»، مما يعزز مصداقيتها أمام شركات تصنيع الطائرات العالمية.
وثمة جانب آخر على قدر كبير من الأهمية الاستراتيجية لمواطني الدولة، ألا وهو إعداد وتأهيل النخبة منهم في مجال الطب. فقد استحدثت الجامعة قبل أعوام قليلة برنامج تخريج الأطباء والمعروف بـ«4 + 4»، والذي تقبل الجامعةُ بموجبه الطلبةَ من حملة شهادة البكالوريوس في تخصصات علمية محددة، وتمنحهم فرصة دراسة الطب لمدة 4 أعوام، يليها التدريب والعمل الميداني. وتفخر الجامعة بأن الدفعة الأولى لهذا البرنامج قد اجتازت جميعاً اختبارات القبول الدولية من المرة الأولى في أشهَر المستشفيات في كل من الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا، حيث يباشرون حالياً التدريبَ العملي الميداني.
وقد قامت الجامعة بإنشاء مرافق تعليمية وتدريبية لطلبة كلية الطب قلَّما وجد نظيرها في جامعات الدول المتقدمة، بجانب استقطاب نخبة من الأساتذة ذوي الخبرة الأكاديمية والعملية المشهود لها عالَمياً.
وهنا يحدونا الأمل في استمرار هذا البرنامج الأكاديمي المتميز الذي يضع الإمارات في مرتبة الريادة على مستوى الشرق الأوسط لما تقوم الجامعة بإنجازه على مستوى تأهيل وإعداد الطبيب المواطن، بجانب البحوث والدراسات العلمية المتخصصة في مجال الطب، إسهاماً منها في صناعة المستقبل.
*باحث إماراتي