عندما استضاف الرئيس جو بايدن 49 زعيماً أفريقياً في قمة بالبيت الأبيض في ديسمبر 2022، تعهد بالقيام برحلة إلى أفريقيا في العام التالي لإظهار الاهتمام والشراكة المتجددة بعد تجاهل إدارة ترامب للقارة. كانت هذه الرحلة الرئاسية بمثابة رمز لالتزام الولايات المتحدة بنوع جديد من العلاقة مع أفريقيا - علاقة تقوم على تعزيز الأمن المتبادل والمصالح الاقتصادية، مع احترام سعي الدول الأفريقية إلى مسارات مستقلة، بما في ذلك تعميق العلاقات مع القوى الأخرى، لكن الرحلة لم تحدث قط. وبدلاً من ذلك، فقد كانت ترمز إلى ما يقول العديد من الأفارقة إنه المزيد من الشيء نفسه: علاقة غير موثوقة من الضجيج المتكرر حول الاتجاه الجديد الموعود، مع القليل من المتابعة. يقول «مفيمبا فيزو ديزوليلي»، مدير برنامج أفريقيا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS) في واشنطن: «الطريقة التي ينظر بها الأفارقة إلى الولايات المتحدة هي أن الولايات المتحدة تعد بالكثير ولا تقدم ما قالت إنها ستحققه. لذلك هناك نقص في الثقة». سيحاول الرئيس بايدن مرة أخرى تنشيط العلاقات الأميركية- الأفريقية – وتقليص فجوة الثقة هذه – عندما استقبل الرئيس الكيني «ويليام روتو» في زيارة رسمية هذا الأسبوع، وهي أول زيارة دولة يقوم بها زعيم أفريقي منذ عام 2008، والأولى لرئيس كيني منذ أكثر من عقدين. قد يبدو الرئيس «روتو» من نواحٍ عديدة أنه الخيار الصحيح لتمثيل المسار لأفريقيا الذي تريد الولايات المتحدة في عهد بايدن تشجيعه وتنميته.
فهو مروج لما أسماه «الاقتصاد المزاحم»، الذي يفضل ريادة الأعمال والابتكار على مستوى القاعدة الشعبية على حساب اعتماد أفريقيا التقليدي على نخبة رجال الأعمال، ويحظى الزعيم الكيني بالثناء من العديد من الدبلوماسيين والخبراء الإقليميين بسبب قيادته لاقتصاد نابض بالحياة وديمقراطية مستقرة ومتقدمة. يقول «فيوكوهلي منياندو»، المدير المساعد لمركز الدراسات الأفريقية بجامعة هوارد في واشنطن: «يحظى روتو بشعبية كبيرة في بلده؛ إذ يراه العديد من الكينيين نشطاً ومنفصلاً عن الماضي. وفي الوقت نفسه، يبدو أنه يلهم هذا الحماس في جميع أنحاء القارة الأفريقية». الحقيقة أن كينيا ــ التي يُنظَر إليها باعتبارها «قوة متوسطة»، مقارنة بالعملاقين جنوب أفريقيا ونيجيريا ــ برزت قائدة من نوع جديد في أفريقيا، حيث تعمل مركزاً للتدخلات الإنسانية في مختلف أنحاء القارة، وبشكل متزايد على الساحة الدولية.
تستضيف كينيا قوات أميركية خاصة تراقب المتطرفين في الصومال المجاورة، وقد قبلت مؤخراً أن تتولى ـ بتشجيع من الولايات المتحدة ـ المهمة الصعبة المتمثلة في نشر ما سيصبح قوة استقرار تابعة للأمم المتحدة من أجل استعادة النظام في هايتي. يقول «كاميرون هدسون»، زميل بارز في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية: «يستغل الرئيس روتو هذه الفرصة لتعزيز مكانته على الساحة العالمية. فمنذ توليه منصبه، قام بالفعل بالترويج لنفسه على المستوى الدولي زعيماً للقارة، حيث استضاف قمة المناخ الأفريقية. هذا إلى جانب التزاماته في الأمم المتحدة، ومشاركته في حفظ السلام خارج أفريقيا». لكن في الوقت نفسه، تأتي زيارة روتو على خلفية الانتكاسات التي تعرضت لها مكانة الولايات المتحدة ونفوذها في أفريقيا. إذ تقوم القوات الأميركية بالانسحاب من النيجر.
هوارد لافرانشي*
*صحفي لدى «كريستيان ساينس مونيتور».
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»