عند الشدة تُشرق شمس معادن الناس، وتضيء أقمارهم، وتبهر أولي الأبصار، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «النَّاسُ مَعَادِن كَمَعَادِن الذَّهَب وَالفِضَّة.. «(الصحيحان». متى ترى بريق الذهب لامعاً، عند اقترابه من النار، وكذلك الأزمات تظهر معادن الرجال وتكشف الغطاء عن طيبة نفوسهم، هكذا كان المواطنون والمقيمون عندما هطلت على الدولة الرحمات، الفزعة كانت شعار المتطوعين وكذلك العاملين في الحكومة كلا من خلال الثغرة، التي كان مرابطاً عليها مواصلين النهار بالليل، حتى تقر عيون المحتاجين للعون والمساعدة الطارئة.
ننقل لكم صوراً من هذا البريق الأخاذ لنماذج من جهود المتطوعين ساعة أبرقت السماء، وأرعدت، ثم أمطرت الخير على العباد والبلاد، وأسقت الأرض وملأت الضرع، وتضرع الخلق للخالق بما يجول كل في نفسه. جهود كبرى قدمتها الشرطة والجهات المختصة بالتعامل مع الأزمات من أجمل حماية جميع سكان الدولة، ومد يد العون للمتضررين، وإعادة الحياة اليومية إلى طبيعتها في جميع المناطق. لقد شكل المتطوعون في كل منطقة فرق إنقاذ طارئة بما تحت أيديهم من القوارب الصغيرة تجوب الشوارع والحارات والأزقة الضيقة لإخراج الناس من محبس الماء إلى سعة قلوب الذين آوتهم.
صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، يؤكد أن سلامة المواطنين والمقيمين وأمنهم تأتي على رأس أولويات حكومة الإمارات، معرباً عن تقديره لمستوى الوعي والمسؤولية التي تحلى بها الجميع خلال الظروف المناخية التي شهدتها البلاد. وبناء على خطى رئيس الدولة، قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي: (نحمد الله على نعمته وفضله بسلامة الجميع في دولة الإمارات، نتيجة الحالة الجوية الاستثنائية التي مررنا بها.. بلادنا في خير وسلامة بمتابعة وحرص وقيادة أخي رئيس الدولة «حفظه الله».. وبجهود الفرق المخلصة من مواطنين ومقيمين التي تواصل الليل بالنهار».
الأزمات تظهر معادن الدول والمجتمعات.. والأزمة المناخية الطبيعية، التي مررنا بها أظهرت حرصاً ووعياً وتماسكاً وحباً كبيراً لكل ركن من أركان الدولة من جميع المواطنين والمقيمين فيها.. «حفظ الله» دولة الإمارات ومجتمعها، وأدام مجدها وعزها وسلامتها).
وقال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، خلال اجتماع مجلس الوزراء: «ناقشنا خلاله نتائج وآثار الحالة الجوية التي مرت بها الدولة.. الحالة كانت غير مسبوقة في شدتها.. ولكننا دولة تتعلم من كل تجربة.. وتطور نفسها». «تعاملت غرف العمليات المركزية مع أكثر من 200 ألف بلاغ.. وشارك أكثر من 17 ألفًا من عناصر أجهزة الأمن والطوارئ والداخلية.. و15 ألفًا من الجهات المحلية.. وآلاف المتطوعين في التعامل مع نتائج الحالة الجوية الاستثنائية». وأضاف صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد: «بمتابعة ودعم أخي رئيس الدولة حفظه الله.. رجعت الحياة لطبيعتها بسرعة بحمدالله.. ووجه سموّه بحصر الأضرار.. ودعم الأسر.. والبدء بشكل فوري بدراسة حالة البنية التحتية.. في مجلس الوزراء أقررنا مبلغ 2 مليار درهم لمعالجة الأضرار التي لحقت ببيوت المواطنين ومساكنهم، وتم تكليف لجنة وزارية بمتابعة هذا الملف.. شكّلنا أيضاً لجنة لحصر أضرار السيول والأمطار على البنية التحتية، واقتراح الحلول والإجراءات على مستوى الدولة برئاسة وزارة الطاقة والبنية التحتية.. ما حدث.. كان خيرا لنا.. حيث امتلأت السدود.. وجرت الوديان بأمطار الخير.. وامتلأ المخزون الجوفي المائي.. وتعلمنا دروسًا كبيرة في التعامل مع الأمطار الشديدة في مدننا المتقدمة.. ووضعنا أيدينا على مجالات التطوير، ورفع الاستعداد والجاهزية.. وجعلنا أكثر استعدادًا للمستقبل بإذن الله..».
لقد كان لتطبيقات التكنولوجيا المعاصرة دور فعال لتوفير كل مستلزمات الحياة اليومية، بل إن الأدوية الضرورية كان يتم توصيلها عن طريق (الدرون) الشخصي للأفراد من مناطق بعيدة عن صاحب الحاجة الملحة. لقد تم توفير الماء والغذاء مجاناً عن طريق مساهمة بعض المطاعم الخاصة، وأما سكان العمارات التي تعطلت عليهم المصاعد، فقد أوجد المتطوعون البديل لهم عن طريق مد الحبال عبر البلكونات، لمدهم بأسباب الحياة العاجلة. جهود المتطوعين وفّرت لمن أربكتهم الأمطار، جميع سبل الراحة والأمان والاستقرار حتى ساعة العودة إلى هدوء البال وصلاح الحال. كل ذلك، وعين القيادة الرشيدة، تتابع الأوضاع لحظة بلحظة.
*كاتب إماراتي