تُظهر الأبحاث أن المدن التي لا تتوفر لديها تغطيات للأخبار المحلية تميل إلى تسجيل انخفاض في نسبة المشاركة في الانتخابات، وتراجع مشاركة الأفراد في المجتمع، وفساد حكومي أكبر. ولهذا، فإن للصحفيين دور مهم للغاية مثل الممرضات ورجال الإطفاء والأطباء. ولكن لكي يستمر وجود الصحفيين، علينا أن نجعل تعليمهم الصحفي مجانياً. قد يبدو هذا الأمر مخالفاً للحدس بالنظر إلى حالة القطاع. فقد أدى تقلص الإيرادات وانخفاض الاشتراكات إلى فقدان عدد قياسي من الوظائف في قاعات تحرير وبث الأخبار.
وثقة الجمهور في قيمة الأخبار باتت في أدنى مستوياتها التاريخية، بينما باتت نسبة متزايدة من الناس تتجنب الأخبار تماماً. ومع ذلك، هناك عشرات الآلاف من الوظائف في وسائل الإعلام الإخبارية في أميركا، حيث يتم إنتاج صحافة استثنائية كل يوم، بل إن بعض المؤسسات الكبرى وجدت طرقاً للازدهار في العصر الرقمي. وشرع قادة مؤسسات بارزة في جهود لضخ مئات الملايين من التبرعات الخيرية في الصحافة المحلية. وبغض النظر عن كيفية تطور قطاع الأخبار، فإننا سنظل بحاجة إلى الصحفيين، ولكن العنصر الأهم لصحافة قوية ومستقلة هو الأشخاص الذين يصنعونها. وبالنظر إلى المخاطر الحالية المحدقة بالقطاع ومجتمعنا والعالم، فإننا بحاجة إلى قادة مبدعين في مجال الأخبار يحرّكهم إيمانهم بالرسالة، ولا يتقيدون بنماذج الماضي، ولديهم الدافع والحرية لإعادة تصور هذا المجال، والتعاطف والالتزام لخدمة الصالح العام، دون أن تنال من عزيمتهم الهجمات والتهديدات. ولكن تكلفة التعليم الصحفي أصبحت عائقاً صعباً لا يمكن التغلب عليه تحديداً بالنسبة للأشخاص الذين نحن في أمس الحاجة إليهم. ثم إن أولئك الذين يتمكنون، بعد جهد جاهد، من التغلب على هذا العائق، يحملون عبئاً يمكن أن يحدّ من خياراتهم المهنية.
ويعد المراسلون المثقلون بالديون أقل عرضة للمخاطرة المهنية وأكثر عرضة للتخلي عن هذا المجال. وقد وجد تقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» حول نسبة الدين إلى الدخل لدى خريجي 16 برنامجاً للماجستير في الصحافة أن العديد من الخريجين يغادرون بديون تفوق دخلهم بعد التخرج. وقد أُسست كليتي في 2006 لتكون بديلاً عاماً لمدارس الصحافة النخبوية في المدينة، وهي ما زالت واحدة من المدارس منخفضة الرسوم في البلاد. والطلاب القادمون من الولاية يدفعون حوالي ربع ما تكلّفه درجة معادلة من الكليات عالية المستوى التي نتنافس معها بنجاح.
وهذا العام فقط، استفاد 90 بالمئة من طلابنا من منح دراسية، كما يدرس 25 بالمئة منهم برسوم دراسية مجانية. وفضلاً عن ذلك، ألغينا رسوم التقديم البالغة 75 دولاراً في دورة القبول هذه وشهدنا زيادة بأكثر من 40 بالمئة في عدد المتقدمين. وبفضل هذه السياسات، نجحنا حيث تفشل صناعة الإعلام باستمرار. ذلك أن أكثر من 50 في المئة من طلابنا من الملونين وينحدرون من مجتمعات محرومة. والكثيرون منهم ما كانوا ليستطيعوا الالتحاق بكليتنا لولا الدعم الكبير الذي قدمناه للمنح الدراسية. لكن هذا لا يكفي. إذ رغم أننا نصنَّف كواحدة من كليات الصحافة التي تضم خريجين من ذوي الدخل المتوسط الأعلى والمتوسط والأقل مديونية، إلا أن طلابنا لا يتخرجون خالين من الديون تماماً. ولهذا السبب، بدأنا هذا العام حملة لإعفاء الطلبة من الرسوم الدراسية بالكامل بحلول 2027. إننا بحاجة إلى صحفيين تكون التزاماتهم الوحيدة تجاه الحقائق والمجتمع الذي يخدمونه، وليس تجاه المقرضين، صحفيين يهتمون بالصالح العام، وليس بأسعار الفائدة، ويستطيعون اتخاذ قرارات تنطوي على مخاطر وسلك المسار الصعب إن كان ذلك هو ما تتطلبه المهمة وهم متحررون من الأعباء المالية. وكليات الصحافة تستطيع أن تساعد في تحقيق ذلك. ولئن كان من الطبيعي في الأوقات العصيبة أن نتحسر على الماضي أو نتأسف على الحاضر، فإن ما نحتاجه حقا هو العمل الشجاع.
غراسيلا موكوفسكي*
*عميدة كلية كريغ نيومارك للصحافة التابعة لجامعة «سيتي يونيفرسيتي أوف نيويورك»
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»