باتت أبوظبي مركزاً رئيساً للعديد من الفعاليات الثقافية الكبرى التي تجسد استضافتها إدراكاً عميقاً لأهمية الثقافة عنصراً رئيساً من مصادر القوة الناعمة، فضلاً عن دورها الحيوي في بناء جسور التواصل والتفاعل بين الأمم والشعوب المختلفة، وتُولي دولة الإمارات وقيادتها الرشيدة أهميةً كبيرة لدور الثقافة في بناء الأمم وتعزيز التواصل فيما بينها، من أجل ترسيخ قيم التسامح والتعايش المشترك والأخوّة الإنسانية، ومبادئ الاحترام المتبادل والهوية الوطنية.
وفي إطار التواصل المستمر لعقد هذه الفعاليات، تنطلق اليوم الأحد 03 مارس 2024، ولمدة ثلاثة أيام، فعاليات القمة الثقافية أبوظبي 2024، في دورتها السادسة في منارة السعديات، وتفتتح القمة في دورتها لهذا العام سلسلةً حواريةً جديدة بعنوان «الحوار الوزاري» تنظمها دائرة الثقافة والسياحة- أبوظبي، ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو»، وتتيح هذه المنصة لوزراء الثقافة فرصة تبادل الأفكار مع قطاع الثقافة والإبداع العالمي حول نتائج مؤتمر اليونسكو «موندياكولت» لعام 2022، وكيف يرون في عملهم، تمهيداً لعقد الدورة المقبلة من المؤتمر عام 2025. وتطمح القمة، التي رسخت مكانتها، خلال فترة وجيزة، منصة مهمة تلتقي فيها المجتمعات الثقافية من مختلف أنحاء العالم، في دورتها هذا العام إلى إيجاد طرق جديدة يمكن للثقافة من خلالها تغيير المجتمعات حول العالم، ومن ثم تحويلها إلى حلول فعلية وواقع ملموس.
وتكشف أجندة فعاليات القمة التي تنظمها دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، عن العديد من القضايا الحيوية التي ستتم مناقشتها من قِبل مجموعة من الخبراء المتخصصين في عدد من الجلسات المهمة، منها جلسة لمناقشة الاستدامة وصناعة القرار، وستتناول القرارات المعقدة التي قد تواجه القادة، وسيتبادل القادة المشاركون في هذه الجلسة الاستراتيجيات الناجحة من المنظورين الوطني والدولي، للنهوض بجدول أعمال الاستدامة، وجلسة لمناقشة مفهوم «الزمن العميق»، وهو منظور علمي يتيح التفاعل من خلال عدسة التاريخ الجيولوجي للكون، وجلسة حول الوكالات العامة الرائدة في مجال الثقافة في أوقات الأزمات المتعددة، ستناقش الرحلة التحويلية للمؤسسات العامة في القطاعين الثقافي والإبداعي، خلال السنوات الأخيرة. ويؤكد معالي محمد خليفة المبارك، رئيس دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، عن حق، أن القمة الثقافية هي بمثابة حجر الزاوية في برنامج ثقافي تم تنظيمه لتحفيز الإبداع والابتكار، بما يُسهم في دعم وبناء اقتصاد متنوع قائم على المعرفة، وهذه قضية حيوية في ظل مساعي الدولة لتعزيز مساهمة القطاعات غير النفطية في الاقتصاد الوطني وتعزيز أسس الاقتصاد الدائري ودعم التحول إلى الطاقة الخضراء، لتحقيق أهدافنا الطموحة التي تجسدها مئوية «الإمارات 2071».
وتستمد القمة الثقافية في دورتها الحالية أهميتها من اعتبارات عدة، أبرزها أنها تجمع نخبة من أبرز القادة والمتخصصين في مجالات الثقافة والفن والإعلام والسياسة والتكنولوجيا من أكثر من 90 دولة، في جلسات تتناول كيفية تحويل الوقت من الطابع الميكانيكي الذي يُميّزه في عصرنا الحالي، إلى طابع ثقافي جديد، كما أن برنامج هذه الدورة يحفل بجدول أعمال يتضمّن عدداً من المحاضرات، وورش العمل، والحوارات الإبداعية، والعروض الثقافية، يشارك فيها نخبة من صناع القرار والباحثين والمفكرين والتربويين والفنانين والمبدعين، لدراسة عدد من القضايا المعاصرة الملحّة.
وتُنظم القمة الثقافية كحدث سنوي، بالتعاون مع عدد من المؤسسات الثقافية البارزة حول العالم، ما يعكس نجاح أبوظبي في عقد العديد من الشراكات الثقافية، ومن أبرز هذه المؤسسات: اليونسكو، ومتحف التصميم في لندن، وشركة جوجل، كما تُعقد هذه القمة بالتعاون مع عدد من الجهات داخل دولة الإمارات، من بينها أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية، والمجمع الثقافي، واللوفر أبوظبي، ومتحف زايد الوطني، في تجسيد للتعاون الوثيق القائم بين المؤسسات الوطنية في المجالات كافة، وقدرة كل منها على الاستفادة من الخبرات والقدرات التي تمتلكها الأخرى، ما يضمن أداءً نوعياً متميزاً، وقدرة على الخروج بأفضل النتائج الممكنة.
*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.