تعد العافية تجارة عالمية كبيرة بلغت إيراداتها 5.6 تريليون دولار في عام 2022، وفقاً لتقرير جديد صادر عن «معهد العافية العالمي»، ومقره ميامي بولاية فلوريدا الأميركية. ويرى المعهد الذي يعد منظمة غير ربحية أن الصناعة حققت نمواً، وبلغت إيراداتها 3.4 تريليون دولار في عام 2013، ومن المتوقع بحلول عام 2027، أن تنمو بنسبة 57% إضافية، لتصل إلى 8.5 تريليون دولار، أي نحو ضعف الناتج المحلي الإجمالي في ألمانيا.
وأشارت «كاثرين جونستون»، وهي زميلة أبحاث بارزة في «معهد العافية العالمي»: إلى إننا «فوجئنا بمرونة اقتصاد العافية العالمي، ومدى سرعة انتعاشه من الوباء». وهناك تقديرات مختلفة حول ما يشكل حجم صناعة العافية حقاً. على سبيل المثال، أحد الأرقام التي يتم الاستشهاد بها بشكل متكرر هو 1.5 تريليون دولار، نشرته شركة ماكينزي وشركاه الاستشارية في عام 2021.
يمكن أن تكون العافية تسمية شاملة وغامضة لمجموعة كبيرة ومتنوعة من الشركات. في تقريرها، عرّف «معهد العافية العالمي» الصناعة بأنها «السعي النشط للأنشطة والخيارات وأنماط الحياة التي تؤدي إلى حالة من الصحة الشاملة». وفي بحثه، قام المعهد بتقسيم العافية إلى عدة فئات واسعة، أكبرها - «العناية الشخصية والجمال» – والتي تقدر قيمتها بـ 1.08 تريليون دولار. يشمل هذا القطاع الفرعي أشياء مثل العناية بالبشرة، وصالونات الشعر أو الأظافر.
ويأتي بعد هذه الفئة مباشرة «الأكل الصحي والتغذية وفقدان الوزن» بقيمة 1.07 تريليون دولار، وهذا لا يشمل السوق سريع النمو لأدوية إنقاص الوزن الموصوفة طبياً مثل «أوزيمبيك». وتشمل الفئات الأخرى التي أشار إليها «معهد العافية العالمي» السياحة الصحية، وهي صناعة تبلغ قيمتها 651 مليار دولار، والأنشطة البدنية، مثل الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية، والصحة العامة، إلى جانب الطب التقليدي والتكميلي.
وفي أحد أكبر التغييرات منذ ما قبل الوباء، ارتفع الإنفاق على الصحة العامة والوقاية والطب الشخصي إلى 611 مليار دولار في عام 2022 مقابل 358 مليار دولار في عام 2019. ويتضمن التقرير فحوصاً صحية لكوفيد-19 والسرطان.
أحد أصغر القطاعات هو «العافية في مكان العمل». ويتكون ذلك من برامج مخصصة من قبل أصحاب العمل تهدف إلى تعزيز صحة الموظفين ورفاهيتهم، مثل دروس اللياقة البدنية والتعليمية. وعلى عكس العديد من القطاعات الأخرى، تقلصت هذه السوق منذ عام 2019، من 52.2 مليار دولار إلى 50.6 مليار دولار في عام 2022، لأن المزيد من الموظفين يعملون الآن من المنزل، وتقوم الشركات بخفض التكاليف.
إنها صورة مختلفة بالنسبة لشركات الضيافة، التي تحاول بشكل متزايد الاستفادة من السياحة الصحية والطلب على المنتجعات الصحية. تعمل شركة كيرزنر الدولية، من خلال العلامات التجارية الفاخرة، بما في ذلك «ون آند أونلي»، ومنشآت فردية مثل «أتلانتس ذا رويال»، على إنشاء علامة تجارية تتوافق مع هذا الاتجاه. وسيركز فندق «سيرو» لأسلوب الحياة واللياقة البدنية والتعافي حول اللياقة البدنية للضيوف والصحة العقلية والتغذية والنوم. ولن يكون وحده. فقد افتتحت شركة «إكوينوكس» Equinox، التي اشتهرت ذات يوم بصالات الألعاب الرياضية الراقية، أول فندق لها في «هادسون ياردز» داخل حي في نيويورك في عام 2019، بغرف وُصفت بأنها «معابد للتجديد»، وفي سبتمبر، تم إدراجه في قائمة أفضل 50 فندقاً في العالم لأول مرة على الإطلاق.
الفندق الآخر الوحيد في نيويورك الذي تم تصنيفه في تلك القائمة، هو فندق «أمان نيويورك»، الذي يضم جناحاً صحياً مكوناً من ثلاثة طوابق، وهو جزء من منتجع صحي، وجزء من الممارسة الطبية. يمكن لطبيب باطني متدرب في جامعة هارفارد أن يقوم بإجراء تحاليل الدم لديك، ويصف لك «برامج الانغماس في الصحة»، التي تشمل العلاج بالأكسجين عالي الضغط.
تقول إنجي ثيرون، مؤسِسة شركة «فيس جيم» Facegym، خلال مقابلة مع بلومبرج: « التزمتْ كل علامة تجارية كبيرة بفكرة أن الصحة هي ساحة المعركة الجديدة للفنادق الفخمة». وأضافت: «فيما كان الأمر يتعلق بما هو مفهوم المطعم الذي لديك، أصبح الأمر يتعلق الآن بما تفعله في المنتجع الصحي. لا يتعلق الأمر فقط بوجود حوض سباحة كبير، بل يتعلق الآن بما لديك من الأطباء والعلماء الأذكياء ضمن طاقم العمل».
أما بالنسبة لمن ينفق أكثر على الصحة، فإن إنفاق الفرد هو الأعلى في أميركا الشمالية، حيث يبلغ 5108 دولارات سنوياً، وهو أعلى بكثير من نظيره في أوروبا البالغ 1596 دولاراً. كما تتزايد العضويات في صالة الألعاب الرياضية، وعمل قصات شعر جديدة، وتناول الفيتامينات، وزيارات المنتجع الصحي، ورحلات اليوجا.
سارة رابابورت
مراسلة لموقع بلومبيرج ومقيمة في لندن
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسينج أند سينديكيشن»