قواعد سلوكية لمواجهة خطاب الكراهية
كان الأمل أن تسهم وسائل التواصل الاجتماعي بدور إيجابي في تعزيز التسامح والتواصل، الذي يشجع على التقارب بين البشر من مختلف الثقافات والاتجاهات، إلا أنها أصبحت سلاحاً ذا حدين يتسبب في خلق سوء الفهم بين المجتمعات، وإثارة النعرات والأحقاد، والإساءة للثقافات والدول، وللاتجاهات التي يختلف معها البعض، أو يستهدفونها لأنهم لم يستوعبوا خلفياتها ومنطقها.
ونتيجة لسوء استخدام بعض الأفراد لهذه الوسائل، وتعاملهم معها من دون حكمة أو إدراك لأهمية الحوار الإيجابي، أصبحت «السوشيال ميديا» في بعض الحالات من أدوات نشر الضغينة وخطاب الكراهية، في حين أن بإمكان أي شخص الوقوف في وجه كل من يسيئون لبلده، دون اللجوء لأساليبهم التي تعتمد على نشر الكراهية وترويج الإشاعات. ومِن الإماراتيين هناك مَن يتطوعون للرد على من يسيء إلى وطنهم على منصات وسائل التواصل الاجتماعي، بدافع من الغيرة والشعور بالولاء للوطن وواجب الدفاع عنه، وهذا من حقهم، لكن النجاح في مثل هذه الحالات لا يكون حليفاً إلا لمن يجيد نقل الحقائق بهدوء، ولا يتورط في الانجرار لاتخاذ ردود الأفعال الغاضبة، وهناك مَن تقودهم الغيرة على وطنهم إلى الرد على المغرضين بأساليب يفرح لها المغرضون ويستغلونها.
ويمكن الرد بعقلانية على كل مَن يسيئون للإمارات، ولا يستوعبون نهجها وتسامحها ورفضها للتطرف، وعلى مَن يحقدون على ما حققته من مكانة دولية تشهد لها برسوخ أمنها واستدامة ازدهارها وحكمة قيادتها، إلى جانب ما تتمتع به الدولة من تميز في الحفاظ على نهج التعايش بين مختلف الثقافات على أرضها، من خلال إدارة تعدد جنسيات المقيمين، وهذه الميزة وحدها كفيلة بالإضاءة على نهج التسامح والانفتاح الذي يطبع رؤية الإمارات تجاه قضايا المنطقة والعالم. وعلى كل إماراتي يتطوع للدفاع عن نهج دولة الإمارات أن يدرك أهمية التمسك بمنظومة قواعد سلوكية لا بد منها، وأن يجعلها تحكم لغته وخطابه وتعبيراته في العالم الافتراضي، ليكون عند مستوى الشخصية الإماراتية.
وللشخصية الإماراتية مميزات يجب أن تظهر على وسائل التواصل الاجتماعي بحيث تمثل ما وصفه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في تغريدة نُشرت على حساب سموه منذ سنوات، وقد حدد فيها مميزات الشخصية الإماراتية، ومن بينها التحلي بقيم التسامح والأخلاق في بلد الشيخ زايد، وأن تعكس الشخصية الإماراتية الاطلاع والثقافة والمستوى الذي وصلت إليه الإمارات، وأن يركز الإماراتي في وسائل التواصل الاجتماعي على استخدام الحُجّة والمنطق في الحوار لتعزيز التفاعل الإيجابي مع الأفكار والثقافات والمجتمعات، وغيرها من الصفات التي تجعل من كل فرد يفيد الآخرين بالمعلومات الصحيحة، ويجسد القدرة على الاندماج في عصره ومحيطه العالمي بثقة وقبول للاختلاف، وأن يظهر استعداده لبناء الجسور مع الشعوب عبر سلوك التواضع والانفتاح الذي اشتهرت به الشخصية الإماراتية المحافظة على أصالتها وجذور انتمائها.
ونعلم أن مواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعي من أبرز أدوات القوى الناعمة التي تستخدم لتشكيل الرأي العام وتكوين مواقفه، وبقدر ما تسهم في تكوين صور إيجابية عن الشخص فإنه يمكنها أن تنقل صوراً سلبية عنه وعن بلده، وبدلاً من أن يخدم وطنه فقد يسيء إليه دون أن يقصد، وذلك باستخدامه أسلوباً غير مناسب في الرد على المخالفين الذين يتعمدون استفزازه.
وبينما نجحت الشركات في استخدام أدوات التواصل الاجتماعي في التسويق لمنتجاتها التجارية، فشل كثير من الأفراد في الاستفادة من هذه الأدوات في نشر قيم التسامح والرد بحكمة على المغرضين والمسيئين، وتفويت الفرصة عليهم وعلى هواة نشر الإشاعات الكاذبة!
*كاتب إماراتي