في انتخابات 2024 الرئاسية، سأصوّت بالطبع لأي شخص يرشّحه الحزب «الجمهوري»، سواء كان الرئيس السابق دونالد ترامب، أو حاكم فلوريدا رون ديسانتيس، أو حاكمة ولاية كارولينا الجنوبية السابقة نيكي هالي، أو حاكم ولاية نيوجيرسي السابق كريس كريستي.
الأميركيون الآخرون غير «الجمهوريين» قد يترددون في ذلك. لكن يجدر بهم ألا يفعلوا لأن العالم في حالة اضطراب. والأكيد أن الحزب «الجمهوري» سيساعد نفسه إذا تم ترشيح فريق قوي للأمن القومي الآن – ما يشار إليه تقليدياً بـ «الحكماء والحكيمات» - و«على بطاقة الاقتراع» (إن لم يكن بشكل رسمي) إذا إنه يرغب حقاً في الفوز. إذ يجب على المرشحين أن يخبروا الناخبين في ولايات آيوا ونيو هامبشر وغيرهما بأسماء الأشخاص الذين سيحكمون معهم.
والواقع أن لدى المرشح «الجمهوري» فرصة لجذب واستقطاب شريحة كبيرة من «الديمقراطيين» الذين يشعرون بالإحباط إزاء الاتجاه الذي يسير فيهم حزبهم، ولاسيما فيما يتعلق بمسألة إسرائيل. ذلك أن كل من شاهد ما حدث داخل الجامعات الأميركية خلال الأسابيع السبعة الماضية عليه أن يقيّم بموضوعية اتجاه اليسار الشاب ويأخذ في عين الاعتبار طليعته التي باتت توجد في مجلس النواب (ضمن «الفرقة») أو في الجهاز البيروقراطي، وتعترض على دعم الرئيس بايدن لإسرائيل. ويجب أن يخلص إلى أن الحزب «الديمقراطي»، ليس بصدد الميل نحو اليسار فحسب، وإنما يواجه خطراً حقيقياً يتمثل في التوجه إلى اليسار المتشدد.
تأمل التالي: بين الناخبين «الديمقراطيين» الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عاماً، أظهر استطلاع أجرته شبكة «إن بي سي» أن 70% منهم غير راضين عن طريقة تعامل بايدن مع الحرب. وهذا تحولٌ جيلي، وتحول خطير جداً بالنسبة لإسرائيل. وليس من المبالغة القول إن هذا اليسار المتشدد قد يشكّل مستقبل الحزب «الديمقراطي». وعليه، فإذا فاز «الديمقراطيون» في 2024 أو 2028، فإنه سيكون هناك عدد متزايد من الأشخاص النافذين الذين لديهم التزام تجاه إطار «المقموعين/القامعين» السام لتفسير العالم كله.
وحتى في حال لم يؤيّد قادة الحزب أنفسهم هذه الآراء، فإنهم سيضطرون لمواجهتها. والحال أنه من المخيف تصوّر وجود هذه النظرة إلى العالم في كل فرع من فروع الحكومة، وخاصة في السلطة القضائية.
مذبحة أكتوبر الماضي، التي أسفرت عن مقتل 1200 إسرائيلي على الأقل وجرح آلاف آخرين واختطاف 240 إسرائيلياً من قبل «حماس» في غزة، أثبتت أنها اختبار صعب – اختبار فشل فيه قسم كبير من أعضاء الحزب «الديمقراطي»، كلياً أو جزئياً. فقد شكّلت زيارة الرئيس الأميركي لإسرائيل، وتأييده لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، علامة فاصلة بالنسبة لسلوك «الديمقراطيين» في هذا الصدد. لكن رسائل البيت الأبيض المتقلبة والمضطربة منذ ذلك الحين كانت مربكة. والحال أن الأعداد التي تطالب بوقف إطلاق النار في غزة - وهو ما من شأنه أن يعود بالنفع على «حماس»، التي تصنّفها الولايات المتحدة على أنها منظمة إرهابية - ينبغي أن تصدم أنصار «الديمقراطيين» التقليديين وتزعجهم.
فإسرائيل منخرطة في ما يرقى إلى حرب من أجل البقاء - و«حماس» ليست سوى طليعته. فصحيح أن الحرب تدور الآن في غزة، ولكن جحافل «حزب الله» الإرهابية تنتظر على حدود إسرائيل الشمالية مع لبنان، وفي الأثناء، تتحيّن إيران، التي تعد التهديد الأكبر، الفرصة. ولهذا، فإنه لا توجد منطقة وسطى هنا، مثلما لا توجد منطقة وسطى فيما يتعلق بالموقف من أوكرانيا وروسيا، بل إن الأمر يتعلق هنا بمواجهة واحدة - سواء أكان خط المواجهة هو غزة، أم أوكرانيا.
صحيح أن الحزب «الجمهوري» لديه نزعته الانعزالية الصغيرة والصاخبة في آن واحد، لكن التهديد الذي تطرحه بالنسبة للغرب يختلف اختلافاً تاماً عن خطاب اليسار المتشدد المناوئ لإسرائيل. وسيكون من مصلحة أي مرشح رئاسي «جمهوري» تقديم معلومات عن الأشخاص الثلاثين الأبرز الذين ينوي أخذهم معه إلى الحكومة. ولنقارن تلك القائمة بالجيل الجديد من «الديمقراطيين»، أي الأصوات التي من المرجح أن تشكّل الحزب لسنوات قادمة.
وشخصياً، أودُّ أن أرى مرشحي الحزب «الجمهوري» يختارون من ضمن القائمة التالية مرشحين لمنصب نائب الرئيس أو المناصب الوزارية العليا (حسب الترتيب الأبجدي): السيناتور توم كوتون (أركنساس)، والسيناتورة جوني أرنست (آيوا)، والنائب مايك غالاغر (ويسكونسن)، ووزير الخارجية السابق مايك بومبيو، ومستشار الأمن القومي السابق روبرت أوبراين، والسيناتور دان سوليفان (ألاسكا). فجميعهم جادون بشأن حالة العالم، وجميعهم جادون فيما يتعلق بالأمن القومي الأميركي. وهكذا يمكن القول إن المرشحين «الجمهوريين» سيُسدون خدمة للناخبين عبر إلقاء الضوء على المسار الذي ينوون سلكه، وهو ما من شأنه السماح بعقد مقارنة بين الطريقين اللذين سيسلكهما الحزبان مستقبلاً. وحين يقدّم لهم مثل هذا الاختيار، على المرء ألا يتفاجأ إذا ما غيّر أميركيون، ومنهم «ديمقراطيون» قدامى، ولاءهم من التشدد إلى الاستقرار.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسينج آند سينديكيشن»