كانت هناك 5 حروب خلال الـ 15 عاماً الماضية بين إسرائيل وحركة «حماس»، فكيف ننهي الحرب الحالية ونمنع حدوث حرب سادسة، عاجلاً أم آجلاً؟ وكيف نوازن بين رغبتنا في وقف القتال وضرورة معالجة جذور الصراع؟

الواقع أنه على مدى 75 عاماً سعى دبلوماسيون إسرائيليون وفلسطينيون من ذوي النوايا الحسنة وقادة حكوميون حول العالم، سعوا جاهدين إلى إحلال السلام في هذه المنطقة.

وفي الأثناء، اغتيل رئيس مصري ورئيس وزراء إسرائيلي من قبل متطرفين بسبب جهودهما الرامية لإنهاء العنف. وما زال الصراع مستمراً. بالطبع ليست لدي الإجابات على كل الأسئلة التي تثيرها هذه المأساة اللانهائية. لكن بالنسبة لمن يؤمن منا بالسلام والعدالة، فإنه من الضروري بذل ما في وسعنا كي نقدّم للإسرائيليين والفلسطينيين رداً مدروساً يرسم مساراً واقعياً لمعالجة الواقع الذي نواجهه اليوم.

وفي ما يلي بعض الأفكار بخصوص ما أعتبرها أفضل طريقة لتحقيق تقدم في هذا الملف، وكيف يمكن للولايات المتحدة أن تعبِّئ العالمَ حول موقف أخلاقي يوصلنا إلى السلام في المنطقة وإلى العدالة للفلسطينيين المضطهدين.

أولاً، يتعين علينا أن نطالب بوقف فوري للقصف الإسرائيلي العشوائي، الذي يتسبب في عدد هائل من الضحايا في صفوف المدنيين ويشكّل انتهاكاً للقانون الدولي. فإسرائيل في حالة حرب مع «حماس»، وليس مع الرجال والنساء والأطفال الفلسطينيين الأبرياء.

وإسرائيل لا يمكنها أن تقصف حياًّ بأكمله من أجل تدمير هدف واحد تابع لـ«حماس». وإذا كنا لا نعلم ما إن كانت هذه الحملة فعّالة في إضعاف قدرات «حماس» العسكرية، فإننا نعلم أن 70% من الضحايا هم من النساء والأطفال وأن 104 من عمال الإغاثة التابعين للأمم المتحدة و53 صحفياً قُتلوا.

وهذا غير مقبول. والحقيقة أنه إذا كان يراد للفلسطينيين الذين عانوا طويلاً الحصولَ على فرصة لتقرير المصير ومستوى عيش كريم، فيجب ألا تكون هناك إعادة احتلال وحصار إسرائيلي طويل الأمد لغزة. وإذا كان يراد تنحية «حماس» من السلطة، مثلما يجب أن يحدث، ومنح الفلسطينيين فرصة في حياة أفضل، فإن أي احتلال إسرائيلي لغزة سيجلب نتائجَ عكسية كلياًّ وسيخدم مصلحة «حماس». ومن أجل سلام في المنطقة وتحقيق مستقبل أكثر إشراقاً للشعب الفلسطيني، يجب منح غزة الفرصةَ للتحرر من «حماس».

ولا يمكن أن يكون هناك احتلال إسرائيلي طويل الأمد. ولكي يحدث هذا التحول ويتحقق السلام، يجب على إسرائيل الإعلان عن بعض الالتزامات السياسية التي ستسمح لقيادة فلسطينية ملتزمة بالسلام ببناء الدعم. وعليها أيضاً أن تضمن للفلسطينيين النازحين الحق المطلق في العودة إلى منازلهم بالتوازي مع إعادة بناء غزة، لأنه لا يمكن تشريد الأشخاص الذين عاشوا لسنوات في فقر ويأس للأبد.

كما يجب على إسرائيل الالتزام بإنهاء قتل الفلسطينيين في الضفة الغربية وبتجميد المستوطنات هناك كخطوة أولى نحو إنهاء الاحتلال بشكل دائم. كل هذه الخطوات ستُظهر أن السلام يمكن أن يجلب نتائج لصالح الشعب الفلسطيني، على أمل أن يمنح ذلك السلطةَ الفلسطينية الشرعيةَ التي تحتاجها لتولّي السيطرة الإدارية على غزة، بعد فترة استقرار مؤقتة تحت إشراف قوة دولية على الأرجح. وأخيراً، إذا كان يراد للفلسطينيين أن يكون لديهم أمل في مستقبل لائق، فيجب أن يكون هناك التزام بمفاوضات سلام واسعة لدعم «حل الدولتين» عقب هذه الحرب.

وهذا هدف يتعين على الولايات المتحدة والمجتمع الدولي وجيران إسرائيل التحرك بقوة نحو تحقيقه. وسيشمل ذلك زيادة كبيرة في الدعم الدولي للشعب الفلسطيني. كما سيعني الوعد باعتراف كامل بفلسطين في انتظار تشكيل حكومة جديدة منتخَبة ديمقراطياً وملتزمة بالسلام مع إسرائيل. ولنكن واضحين: شهد العام الماضي نمواً قياسياً للمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، حيث يعيش الآن أكثر من 700 ألف إسرائيلي في مناطق تتفق الأمم المتحدة والولايات المتحدة على أنها أراض محتلة. وهم يستخدمون عنف الدولة لدعم عملية الضمّ هذه بحكم الواقع.

ومنذ 7 أكتوبر الماضي، أعلنت الأمم المتحدة أن 208 فلسطينيين على الأقل، من بينهم 53 طفلاً، قُتلوا على أيدي قوات الأمن الإسرائيلية والمستوطنين هناك.. وهذا لا يمكن أن يستمر. وعلى مدى سنوات عديدة، منحت الولايات المتحدة إسرائيل مبالغ كبيرة من المال، دون شروط تقريباً. كما يجب على الولايات المتحدة أن توضّح أنه لئن كنا أصدقاء لإسرائيل، فإن هناك شروطاً لهذه الصداقة، وأنه لا يمكننا أن نكون متواطئين في أعمال تنتهك القانون الدولي وتنتهك مبادئنا وقيمَنا.

وهذا يشمل إنهاء القصف العشوائي الواسع، من أجل فسح المجال لدخول مساعدات إنسانية ضخمة إلى المنطقة، وحق سكان غزة النازحين في العودة لمنازلهم، وعدم وجود احتلال إسرائيلي طويل الأمد لغزة، ووضع حد لعنف المستوطنين في الضفة وتجميد توسيع المستوطنات، والتزام بمحادثات سلام موسعة من أجل حل على أساس فكرة الدولتين بعد الحرب.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»

*سيناتور أميركي