في خطابه بمناسبة «اليوم الدولي للقضاء على الفقر»، الذي يحتفل به العالم في السابع عشر من أكتوبر كل عام، وصف أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، الفقرَ بأنه «التحدي الأهمّ في عصرنا»، وهو ما جعل المنظمة الدولية تضع هدف «القضاء على الفقر» في صدارة «أهداف التنمية المستدامة» عام 2015، التي تبلغ سبعة عشر هدفاً تسعى في مجموعها إلى «ضمان تمتع جميع الناس بالسلام والازدهار بحلول عام 2030». وسبقت هدفَ «القضاء على الفقر» أهدافٌ أخرى لا تقلّ أهمية، مثل «القضاء على الجوع» و«الصحة الجيدة والرفاه»، و«التعليم الجيد»، وربما يعود ذلك إلى حقيقة أن كثيراً من الأهداف التالية على القائمة ترتبط بإنهاء الفقر، كما يظهر في الأهداف الثلاثة المذكورة.
وكعادتها، فإن دولة الإمارات كانت سبّاقةً إلى الإسهام القوي في تحقيق هذا الهدف الإنساني، انطلاقاً من الرؤية الحكيمة لقيادتها الرشيدة، على النحو الذي عبّر عنه بوضوح صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، بقوله: «مستمرون في ترسيخ قيم العطاء في مجتمعنا.. مستمرون في مدّ يد العون للشعوب الأقل حظّاً.. مستمرون في محاربة الفقر والجوع والجهل في كل مكان في منطقتنا والعالَم». 
وفي تحرُّك يعكس حجم إسهامها في جهود مكافحة الفقر في العالم، أعلنت دولة الإمارات، بالتزامن مع «اليوم الدولي للقضاء على الفقر»، السبت الماضي 14 أكتوبر، تخصيص 200 مليون دولار أميركي للمشاركة في الصندوق الاستئماني للنمو والحد من الفقر، وذلك ضمن جهودها في توسيع الإقراض الميسر للدول ذات الدخل المنخفض، وإسهاماً منها في تفعيل الجهود الدولية لمواجهة التحديات التي تواجه البلدان المنخفضة الدخل. 
وأوضح معالي محمد بن هادي الحسيني، وزير دولة للشؤون المالية، رسوخ هذا النهج الإماراتي، بقوله إن «تاريخ المساعدات الخارجية الإماراتية بدأ مع تأسيس دولة الإمارات التي تشكل مركزاً ماليّاً وتجاريّاً ولوجستيّاً حيويّاً للشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب آسيا». وتمنح هذه الصِّلاتُ الاقتصادية الوثيقة دولةَ الإمارات أهميةً خاصة في مكافحة الفقر في العالم، حيث يعاني 60% من السكان الفقر المدقع في أفريقيا جنوب الصحراء، و35% في جنوب آسيا.
وأقامت دولة الإمارات، منذ عقود، بنية مؤسسية قوية تسهم في جهود مكافحة الفقر حول العالم، وهي تضم «هيئة الهلال الأحمر الإماراتي»، و«صندوق أبوظبي للتنمية»، و«مؤسسة خليفة بن زايد للأعمال الإنسانية»، و«مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية». كما يسهم في هذه الجهود عدد من الوزارات والهيئات الأخرى مثل «وزارة تنمية المجتمع»، و«وزارة الخارجية والتعاون الدولي»، و«هيئة أبوظبي للدعم الاجتماعي». وتتيح هذه المنظومة القوية تحقيق أعلى درجات الفاعلية والتأثير لما تبذله الإمارات من جهود في هذا الصدد.
وتؤمِن دولة الإمارات بأن مكافحة الفقر في أي منطقة من العالم تصبُّ في صالح إرساء الأمن والاستقرار في العالم بأَسره، لأن الفقر يمثل أحد أبرز دوافع الصراع. وفي ظل وجود نحو 700 مليون شخص في العالم يعانون الفقر في الوقت الحالي، فإن الحاجة تبدو مُلحّة إلى العمل المشترك الفاعل من أجل احتواء الأخطار المحتملة، وإتاحة الفرصة لبناء عالم أكثر سلاماً وإنسانية.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية