يهتم «متحف ويتني للفن الأميركي»، في مانهاتن بمدينة نيويورك، والذي يعود تأسيسه إلى عام 1930، بالفنون الأميركية في القرنين العشرين والحادي والعشرين، وإن ضمت مجموعاته الدائمة أعمالاً أخرى تعود إلى أواخر القرن التاسع عشر. ويتجاوز العدد الإجمالي لهذه المجموعات 25000 لوحة ومنحوتة ورسمة ومطبوعة وصورة فوتوغرافية وفيلم ومقطع فيديو ومصنوعة فنية.. تعود لنحو 3500 فنان أميركي.
وكما يركز المتحف على أعمال كبار الفنانين الأحياء، فهو يُعنى أيضاً بالفنانين الأصغر عمراً والأقل شهرةً، إذ يحتفي بأعمالهم جميعاً في معارضه الدورية. وفي معرضه المقام هذه الآونة يقدم متحف ويتني فنانَ الرسم الأميركي هنري تايلور (65 عاماً) الشهير بلوحاته الأكريليكية ومنحوتاته وتكويناته متعددة الوسائط. ويصنف النقادُ الفنيون تايلور ضمن الرسامين العظماء، ويعتبرون أنه أعاد اختراع الوسائل الفنية لأغراضه الخاصة وقام بإعادة تشكيلها وفقاً لاحتياجاته التعبيرية، وهي احتياجات شاملة ومتعاطفة بشكل استثنائي، لاسيما حين يحاول تقديم وصف كامل لحياة السود في أميركا، منطلقاً من حياته الخاصة وحياة أصدقائه ومحيطه الأسري، بالإضافة إلى بعض الشخصيات السوداء في المجال العام.
وفي هذه الصورة نرى جانباً من لوحته الجدارية «تيمبكتو» المعروضة في متحف ويتني حالياً، والتي يجسد فيها الدورَ التاريخي، الثقافي والديني والاقتصادي، الذي لعبته هذه المدينة خلال عصور إشعاعها كواحدة من أهم العواصم الثقافية والاقتصادية والسياسية للصحراء الكبرى وأكثرها ازدهاراً، إذ كانت بها جوامع مزدحمة ومكتبات ثرية وأسواق عامرة ومدارس شهيرة يؤمّها الطلاب من أنحاء أفريقيا. لكن الحزنَ ظلل تيبمكتو في فترات عدة، كانت أحدثها عقب سيطرة الجماعات المتشددة لعدة أشهر عليها عام 2012، وما اقترفته هذه الجماعات بحق تاريخ المدينة وكنوزها الأثرية، حيث قامت على الخصوص بتدمير أضرحة بعض الأولياء فيها. وقد أدانت المحكمة الجنائية الدولية أحد المتشددين أقر بقيادته المسلحينَ الذين دمروا الأضرحة التاريخية المدرجة على قائمة التراث العالمي. إنها تيبمكتو، المدينة الأفريقية التي يذكّر بها تايلور في جداريته المتشحة سكينةً وحزناً داخل متحف ويتيني بمانهاتن! (الصورة من خدمة «نيويورك تايمز»)