كونغرس المجلس الدولي للأرشيف وإثراء مجتمعات المعرفة
تحت رعاية سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، وبتنظيم الأرشيف والمكتبة الوطنية، عُقدت خلال الفترة من 10 إلى 13 أكتوبر فعاليات مؤتمر كونغرس المجلس الدولي للأرشيف - أبوظبي 2023، في مركز أبوظبي الوطني للمعارض، وذلك لاستكشاف القدرات التحولية لتوفير المعلومات وإمكانية الوصول إليها في المجتمعات الحديثة.
وقد أكد سموه خلال الكلمة الافتتاحية لأعمال المؤتمر، الذي يعقد للمرة الأولى في العالم العربي ومنطقة الشرق الأوسط، أن المؤتمر منصة تتيح للمختصين والخبراء والمسؤولين في ميدان العمل الأرشيفي عالميّاً فرصة بحث المسؤوليات الكبرى المناطة بنا جميعاً من أجل جمع ذاكرة الإنسانية وحفظها وإتاحتها وتوفير المعلومة الموثقة لمن يحتاجها، حيث إن الذاكرة الوطنية أمانة في أعناق الجميع.
وقد حظيت هذه الدورة من المؤتمر، التي عُقدت تحت شعار «إثراء مجتمعات المعرفة»، بمشاركة كثيفة، إذ شارك في المؤتمر 5000 متخصص في الأرشيف من 135 دولة، وأكثر من 60 عارضاً، وما يزيد على 350 متحدثاً لتبادل الخبرات والممارسات الناجحة، ومناقشة القضايا والتحديات التي تواجه الأرشفة في العصر الرقمي.
وتعكس هذه المشاركةُ الكثيفة الأهميةَ التي يتمتع بها هذا المؤتمر. وحضر الافتتاح الرسمي للمؤتمر العديد من كبار الشخصيات، من ضمنهم فرانسوا أولاند، الرئيس الفرنسي السابق، وجوزيه كيريس، رئيسة المجلس الدولي للأرشيف، ونخبة من قادة الرأي والخبراء والمختصين في مجالات الأرشفة والتوثيق وحفظ السجلات، الأمر الذي زاد من أهمية هذه الدورة وخصوصيتها. وتكشف أجندةُ القضايا التي تعرض لها المؤتمر أهميةً كبيرة للمناقشات التي عُقدت في جلساته المختلفة، حيث ناقش الأكاديميون وصنّاع التغيير في مجال الأرشفة خلال هذا الحدث العالمي الكبير، ومن خلال أكثر من 310 ورقات بحثية، خمسةَ محاور مهمة حول الاهتمامات المعاصرة في قطاع الأرشفة، أولها محور «السلام والتسامح» الذي أكدت المناقشات بشأنه أهمية عدم حصر دور الأرشيف في إظهار مظاهر السلام والتسامح فحسب، بل في كونه إحدى ركائز السلام والتسامح. وثانيها محور «التقنيات الناشئة- السجلات والحلول الإلكترونية»، حيث تركزت النقاشات حول القيمة التي ستضفيها التقنيات الناشئة والذكاء الاصطناعي في مجال الحفاظ على الوثائق والسجلات والأرشيف.
أما المحور الثالث فقد تركز حول توفير الثقة والأمان للمجتمعات من خلال حفظ الموروث الثقافي والتاريخي في عصر الأخبار الزائفة وتهديدات الأمن السيبراني، وهذه قضية بالغة الأهمية في ظل المكانة الحيوية التي تتمتع بها الذاكرة الوطنية للأمم والشعوب.
فيما تناول المحور الرابع دور الأرشيف في الحفاظ على المعرفة ومشاركة الذكريات المشتركة لبناء المجتمعات. وسلّط المحورُ الخامس الضوءَ على دور الأرشيف في تحقيق المبادرات المتعلقة بالتنمية والتطوير مثل أهداف التنمية المستدامة، لا سيما المتعلقة منها بقضايا العمل المناخي. وشملت فعاليات المؤتمر، حدثاً مهمّاً تمثل في عقد «منتدى شباب كونغرس المجلس الدولي»، والذي أتاح لأبناء جيل الشباب منبراً لمناقشة قضايا مهمة عدة، في مقدمتها الاستدامة، وبحث السبل الكفيلة بمواجهة التحديات التي يشهدها العالم عبر الارتقاء بكفاءة إدارة المعلومات والمعرفة.
وممّا لا شك فيه أن المناقشات الثرية التي شهدتها جلسات المؤتمر، تعدّ إضافة مهمة لتعزيز سبل حفظ وإدارة السجلات والوثائق التاريخية والرسمية. وتعكس استضافة الإمارات لهذا المؤتمر دورها الريادي في تطوير هذا القطاع محليّاً وإقليميّاً ودوليّاً، واهتمامها الكبير بهذه القضية، وحرصها على ترسيخ التعاون المشترك وتبادل الخبرات لحفظ الإرث الحضاري الإنساني في مجال الأرشفة.
*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.