وفقاً لمسح سابق أجرته شركة Ernst & Young (EY)، فإن 67% من الشركات العائلية العالمية تعزّز المرونة والتغيير، بينما تخطط 59% منها للاستثمار في منتجات وخدمات جديدة، وفي الشرق الأوسط كانت الشركات العائلية تاريخياً ولا تزال المحرّك الرئيسي الذي يقود التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وذلك وفقاً لتقدير المنتدى الاقتصادي العالمي. وتمثل الشركات العائلية 60% من الناتج المحلي الإجمالي و 80% من القوة العاملة في الشرق الأوسط.

وفي منطقة الخليج فإن الشركات العائلية تسيطر على نحو 95 %من حجم النشاط التجاري الخاص، ولهذا تمثل الشركات العائلية ثقلاً اقتصادياً واسعاً حول العالم، حيث أشارت دراسة للمجلس الأطلسي الأميركي إلى أن الشركات العائلية تشكل نحو ثلثي الشركات حول العالم، وتُشكل ما يتراوح بين 70% - 90% من إجمالي الناتج المحلي السنوي عالمياً، كما توفر نحو 50 إلى 80 بالمئة من الوظائف عالمياً.

ومن الحقائق الثابتة أن العديد من التكتلات التجارية في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي والوطن العربي مملوكة للعائلات وهي تلعب دوراً مهماً في تنمية الاقتصادات الوطنية، وقد وجدت دراسة أجرتها شركة Intertrust Group للثقة الدولية وإدارة الشركات أن المكاتب العائلية هي الأداة الهيكلية الأسرع نمواً بين العائلات الشرق أوسطية الغنية، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى التغيير في طريقة التفكير في هذه العائلات المتأثرة بالإتجاهات العالمية، وفي دراسة قامت بها شركة «ماكينزي آند كو» للإستشارات (2021) تبين عن تأخر تبني الحوكمة ضمن الشركات العائلية في المنطقة العربية، خصوصاً في سن السياسات المؤسسية المتعلقة بتأهيل ودمج الجيل التالي ضمن الشركات العائلية، وقد أظهرت الدراسة أن 44% من الشركات العائلية تمتلك سياسات توظيف تعنى بمسألة انتقال القيادة للجيل التالي من أفراد العائلة، غير أن 17% فقط منها يمتلك منهجيات وطُرُق تقييم فعّالة لتحديد أدوار ومسؤوليات الجيل التالي من القيادات.

وأظهرت الدراسة بأن 32% فقط من هذه الشركات يمتلك رؤية واضحة حول الأدوار والمهام المناطة بالموظفين.

وأما عن أهم التحديات التي سوف تواجهها الشركات العائلية هي صعوبة فهم ورصد التحولات في سلوكيات المستهلك، وإعادة تنظيم اتجاهات الإدارة مع السلوكيات الجديدة، وصعود كبير للغاية كذلك في نسبة الاعتمادية على النظم الإلكترونية، مما يقود لنقطة فشل واحدة ترتبط بباقي المكونات، كما أن ارتباط تكلفة المواد الأولية والبضائع بعوامل خارج سيطرة الشركات والاضطرار إلى رفع تكلفة البضائع أو الخدمات، وفي الوقت نفسه انخفاض في القدرة الشرائية للمستهلك وتحوله لبدائل أرخص أو تغيير سلوكه الاستهلاكي، كما أن بعض الشركات العائلية تجد تحدياً في أن تسلم القيادة فيها لأشخاص خارج إطار العائلة والأقرباء ومن لهم معهم تاريخ طويل، مع ارتباط مؤشرات الأداء بالدخل وحجم المبيعات وليس بالنوعية والإبداع والابتكار التي ستحقق الأرباح بنسب تتفوق على المنافسين في المستقبل.

ومن جهة أخرى، تعد الحكومات منافساً للقطاع الخاص بهدف تنويع مصادر الدخل الوطني، واللجوء المباشر للمستهلكين - سواء حكومات أو أفراد - للمصادر الرئيسية من خلال التجارة الإلكترونية، كما أنها في مواجهة تحول الشركات العالمية العابرة للقارات للاعب مهم في الأسواق المحلية، وسيطرة الشركات العالمية للمواد الخام على الكثير من الصناعات والخدمات، وبالتالي التحكم بالأسواق العالمية وتوجهات الأسعار والعرض والطلب، بينما تحتّم العولمة الاقتصادية وتوجه الشركات الكبيرة خلق شركات صغيرة تابعة لها لتحل بدلاً من الشركات العائلية كمورد أو منفذ فرعي لها في الأسواق المحلية، وهو ما يتطلب تدخل الحكومات الاستباقي لتشجيع نمو تلك الشركات لشركات مساهمة ضمن تكتلات في الداخل والخارج، وتحولها للعالمية والتحول لمنصات بلوكشين blockchain، وإدارة البيانات الكبرى لإدارة أعمال الشركات العائلية الكبرى، وتتبع سلسلة التوريد بشكل أفضل، وتحسين الشفافية والموائمة بين استراتيجيات الشركات العائلية والاستراتيجيات الوطنية، ووجود وحدات تنظيمية للبحث والتطوير ودعم القرار واختبار ولاءات العلامة التجارية باستمرار.

*كاتب وباحث إماراتي في شؤون التعايش السلمي وحوار الثقافات.