#مهما_كان
قبل أيام احتفل العالم باليوم العالمي للعمل الإنساني. وتخصيص يوم عالمي للعمل الإنساني من قبل الأمم المتحدة - في 19 أغسطس من كل عام – كان بهدف تكريم أرواح 22 عاملاً في مجال الإغاثة الإنسانية، بمن فيهم الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق حينها «سيرجيو فييرا دي ميلو»، قُتلوا إثر هجوم تم عام 2003 على فندق كانوا يقيمون فيه بالعاصمة العراقية بغداد عام 2003.
وبعد خمس سنوات من الحادثة تلك اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً بإعلان ذلك اليوم يوماً عالمياً للعمل الإنساني. هذا اليوم - وفي كل عام - يركّز على موضوع ما (يتم من خلاله جمع الشركاء على نطاق النظام الإنساني للدفاع عن بقاء المتضررين من الأزمات ورفاهيتهم وكرامتهم، وللحفاظ على سلامة عمال الإغاثة وأمنهم)، كما جاء في موقع الأمم المتحدة الذي نشر أن عنوان حملة هذا العام #مهما كان، حيث (العاملون في المجال الإنساني متحدون في مهمة مشتركة لإنقاذ الأرواح وحمايتها، وهم لن يساوموا أبداً على المبادئ الإنسانية التي يعملون لأجلها، ويسعون دائماً لاتخاذ أفضل القرارات التي تصب في خدمة المحتاجين.
ويبقى العمل الإنساني صعباً وخطراً، لكننا لا نتخلى عن التزامنا أمام التحديات وفي سبيل تقديم المساعدة المنقذة للحياة للمحتاجين #مهما كان) ضمن المبادئ الأساسية للمنظمة، أي الإنسانية وعدم التحيز والحياد والاستقلال. ولا شك أن احتفال المجتمع الإنساني بالعاملين في المجال الخيري-الإنساني الذين يسعون لتلبية الاحتياجات العالمية مسألة مهمة، وذلك لكونها تذكر بهؤلاء العاملين وسواهم ممن يعملون في ظروف شاقة وخطيرة في المناطق المنكوبة وعلى الخطوط الأمامية لأي نزاع سعياً لإنقاذ الناس ومساعدة المحتاجين وحمايتهم، خصوصاً أن تقديرات التقييم النصفي العام لعام 2023 تقول إن 362 مليون شخص في العالم بحاجة إلى المساعدة الإنسانية.
ورغم كل المخاطر التي يتعرض إليها العاملون في هذا القطاع، إلا أنهم لم يتوانوا عن المشاركة في تخفيف آلام الناس، وحسب موجز التقرير الأمني للعاملين في تقديم المعونة 2023 فقد شهد عام 2022 هجوماً على 444 عامل إغاثة، معظمهم في جنوب السودان ومالي وميانمار، فقتل منهم 116، وجرح 143، وبقي 185 هم في عداد المفقودين، أما نسبة عمال الإغاثة الذين قتلوا من الموظفين الوطنيين فقدرت بنحو 96%، ومن الموظفين الدوليين حوالي 4%، وما يقرب من 47% هم من موظفي المنظمات غير الحكومية الوطنية.
ومن الطبيعي أن تكون فرق الإنقاذ الإماراتية والهلال الأحمر الإماراتي من أوائل المبادرين بالتحرك نحو أي مكان تطاله الكوارث - طبيعية كانت أم بشرية - لتخفيف أوجاع الناس فيها، وتمتد أعمال تلك الفرق لوضعها حلولاً مستقبلية للمنكوبين لبث روح الطمأنينة في نفوسهم. عُرفت الإمارات كدولة تمثل نموذجاً في الأعمال الإنسانية التي تجاوزت حدود الجغرافية والأديان والأعراق.
وبرأيي هنا يكمن النجاح الذي أرادته قيادتنا لتكون الإمارات بلادنا يداً ممدودة وسحابة مطر. والثابت تاريخياً أن العمل الإنساني-الخيري هو مكون أساسي من نهج الإمارات في هذا المجال، ووفق بيانات وزارة الخارجية، فإن حجم المساعدات الإماراتية للدول المنكوبة تجاوز 300 مليار درهم في أكثر من 200 دولة.
ولم يعد خافياً أن دولتنا تحمل علم ريادة في أعمال الخير على مستوى العالم في إطار سياستها الرامية إلى تقديم المساعدة والدعم للدول والشعوب، وقوانينها وتشريعاتها التي سُنّت من أجل تسهيل تنفيذ البرامج والمبادرات التنموية التي تقدمها أكثر من 30 جمعية ومؤسسة خيرية إماراتية تجتهد لتغطية حاجة الناس في هذا المضمار، إلى جانب المبادرات الفردية التي تتبناها شخصيات عامة وفعاليات اقتصادية لتكون أعمالها الإنسانية والخيرية داخل وخارج الإمارات مكملة لما تقدمه الدولة مهما كان.