بينما تستمر الحملة الانتخابية لحاكم فلوريدا «رون ديسانتيس» في التعثر، فأحدث عودة لتدشين حملته الانتخابية بلغت ذروتها مع تعيين مدير جديد، ويسأل كثيرٌ من النقاد والمراقبين السؤالَ نفسَه: كيف يصبح شخص غير مرغوب في السياسة حاكماً لثالث أكبر ولاية في البلاد؟ لكنهم يخطئون الرؤيةَ. وديسانتيس ليس مكروهاً في السياسة. لقد فاز بترشيحات مفتوحة لمقعد في مجلس النواب الأميركي ثم لمنصب الحاكم.

وأُعيد انتخابه بهامش كبير. وجذبت حملتُه الرئاسيةُ المبكرةُ الكثيرَ من الاهتمام والدعم الإيجابيين. وهذه كلها علامات على أن لديه الكفاءة السياسية الأساسية. لكن السياسة الرئاسية مختلفة، والكثيرُ من السياسيين المهرة يقصرون في هذا المستوى، ليس لأنهم ليسوا جيدين، بل لأن مرشحاً واحداً فقط لكل حزب في كل دورة يمكنه الفوز.

وهذا لا يعني أنني أتوقع أن يفوز ديسانتيس بترشيح الحزب الجمهوري. بل من المحتمل أن يكون الرئيس السابق دونالد ترامب قد انتهى من اللحظة التي قرر فيها الترشح مرة أخرى. وحتى لو فشل ترامب، فسيظل هناك مرشح واحد فقط في النهاية. وهذه هي طبيعة اللعبة. لكن يمكننا أن نتعلم كثيراً من مظهر ديسانتيس الآن. ودعنا نسلم بأن أي مرشح يخسر يبدو سيئاً في نظر البعض.

فقد كان جو بايدن يبدو طاعناً في السن وبعيداً عن التواصل مع «الحزب الديمقراطي» الجديد بعد المؤتمرات الحزبية في أيوا 2020 وفي الانتخابات التمهيدية في نيو هامبشاير. وتذكر الجميع فجأة أن بايدن خرج من مسابقات الترشيح لعامي 1988 و2008 دون أن يفوز بمندوب واحد.

وبعد أسبوعين، كان بايدن هو المرشح. وبعض السمات الشخصية (صخب ترامب، وتلعثم بايدن في الكلام وسوء إدارة جيمي كارتر للتفاصيل) تتحول إلى عيوب حين تسوء الأمور، لكنها تتحول إلى نقاط قوة عند فوزهم. ولقد أخطأتُ كثيراً خلال دورة ترشيح الحزب الجمهوري لعام 2016، ذلك أن أحد الأسباب التي جعلتني أتمسك بأن ترامب، بدعم ضئيل جداً من ممثلي الحزب الجمهوري، بوسعه الفوزَ بالترشيح هو أن هناك قصصاً قصيرةً تفيد بأن بعض سماته كان لها تأثير سلبي في مسار الحملة الانتخابية.

وعلى سبيل المثال، كانت هناك قصص كثيرة عن أشخاص يحضرون تجمعاته ثم ينصرفون أثناء إلقاء كلمته. وإذا اعتقد المرء أن ترامب من المحتمل أن يخسر، كان من السهل اعتبار ذلك دليلَ داعم، لكن اتضح أن حضور الناس في المقام الأول كان أكثر أهمية بكثير من انصرافهم فيما بعد.

وتتعثر حملة ديسانتيس أيضاً لأن السياسة على المستوى الوطني مختلفة كثيراً عنها على مستوى الولاية. فبوسع أعضاء مجلس الشيوخ وحكام الولايات التحكم في جزء كبير من تغطيتهم الصحفية. وحتى معظم القصص السلبية قصيرة العمر، فهي تأتي وتذهب خلال يوم أو يومين، ولا يلاحظها كثير من الناخبين.

وكان هذا دائماً صحيحاً، والفرق أكثر وضوحاً الآن مع ضمور الأخبار المحلية بينما أصبحت وسائل الإعلام الإخبارية الوطنية أكثر قوة من أي وقت مضى. وكان ترامب هو المرشح الرئاسي النادر الذي يخوض السباقَ لأول مرة، لكنه كان يتمتع بخبرة واسعة مع وسائل الإعلام الوطنية حين ترشح في عام 2016. والحملات الرئاسية كعمليات أكبر بكثير في إدارتها من حملات مجلس الشيوخ أو حاكم الولاية.

وعملياً كل مرشح يقوم بالقفز من حملة على مستوى الولاية إلى حملة وطنية، يواجه منحنى تعليمياً شاقاً، ومن بين هؤلاء ديسانتيس. وهذا لا يجعله سياسياً سيئاً، بل يجعله طبيعياً. وتذكروا أننا نتحدث بشكل أساسي عن الفوز بالترشيحات.

ولأن الاستقطاب الحزبي القوي في جمهور الناخبين، فإن فرق الأداء بين المرشح العام والمرشح السيئ من نفس الحزب لن يكون كبيراً جداً في معظم الحالات. ومرة أخرى، لا أتوقع أي شيء. ولو كان ديسانتيس قد مر بليلة سيئة في مناظرة مرشحي الحزب الجمهوري الأولى، فمن المحتمل أن تكون حملته قد انتهت، وهي خسارة مبكرة ومخيبة للآمال.

وإذا كانت ليلة سعيدة، فسيتذكر الجمهوريون أنه ما زال في المركز الثاني خلف ترامب في استطلاعات الرأي، والثاني في التأييد البارز، وفي كلتا الحالتين بهامش قوي. ولن يكون مفاجئاً إذا سئمت وسائلُ الإعلام من قصة «ديسانتيس يتراجع» وتحولت إلى قصة «ديسانتس يصعد»، إذا وُجد مسوغٌ معقول. والنقطة المهمة هي أن كثيراً من المرشحين هم سياسيون جيدون بما يكفي للفوز بالترشيحات الرئاسية. وإنه لمجرد وهم أن نعتبر أن الفائز فقط لديه «ما يلزم» للفوز. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسينج آند سينديكيشن»

*أستاذ العلوم السياسية السابق بجامعة تكساس في سان أنطونيو