الأسلحة الفردية.. رصاص متطاير
مع احتفالنا بالرابع من يوليو، حيث نطلق الألعاب النارية ونبدأ حفلات الشواء، فإننا بحاجة إلى أن نكون صادقين مع أنفسنا بشأن الحرية التي نتشدق بها. فليس من الطبيعي أن يُقتل الأبرياء من المتسوقين والطلاب والمحتفلين والمصلين والمتعلمين والراقصين والعمال بنيران عشوائية، كما أن هذا لا ينم أيضاً عن الحرية.
وكمجتمع، يجب أن يتم تعريفنا دائماً بما نرغب في قبوله كشرط طبيعي للحياة الأميركية. مؤخراً، وبعد إطلاق النار على 30 شخصاً في تجمع بجنوب بالتيمور، أثار العمدة «براندون إم سكوت» («ديمقراطي») هذا الأمر صراحة، وقال: «نريد أن يتم التعامل مع إطلاق النار الجماعي هذا كما لو أنه حدثَ في ريف أميركا». وأضاف سكوت: «عندما يحدث ذلك في بالتيمور أو شيكاغو أو العاصمة، فإنه لا يحظى بنفس الاهتمام. إن حياة هؤلاء الأميركيين السود، وحياة الأطفال، مهمة مثل أي شخص آخر».
كان ذلك الوابل من النيران نهايةً مؤلمةً لاحتفال سنوي تقيمه شريحة الطبقة العاملة في بالتيمور، إحدى مدن أميركا حيث إطلاق النار ليس بالحدث النادر. وقد قال القس جون د. واتس بعد إطلاق نار أرهب حي بروكلين في بالتيمور، حيث تعمل كنيسته في كثير من الأحيان، مما أسفر عن مقتل فتاة تبلغ من العمر 18 عاماً وشاباً يبلغ من العمر 20 عاماً: «نحن لسنا أحراراً إذا كنا في منطقة حرب».
ويأتي القس واتس وآخرون من كنيسة «حياة الملكوت» لزيارة حي «بروكلين هومز»، منذ حوالي ثلاث سنوات، للتحدث مع الأشخاص الذين يكافحون، ولتوجيه الشباب الذين يشعرون بأنهم متخلفون عن الركب بينما تتطور المناطق التي تحيط بالحي الذي يقطنون فيه. كان العديد من الجيران الذين يجلسون عادةً على شرفاتهم محبوسين بالداخل، ويعيشون في خوف اعتادوا عليه. وقال العمدة سكوت إن شرطة بالتيمور صادرت 1345 قطعةَ سلاح غير قانونية حتى الآن هذا العام.
أصبح التحرر من هذا الخوف نادراً في جميع أنحاء البلاد. لأنه اليوم، لأنه في كثير من الأماكن يتعرض الأبرياء لإطلاق النيران، على نحو يتجاوز حواجز الاقتصاد والسياسة والعرق والطبقة. وفي العديد من الأماكن، نبدو وكأننا أمة في حالة حرب. في أميركا، في ظل استبداد الثقافة التي تقدّر ملكيةَ السلاح على السعي لتحقيق السعادة دون أعباء، لم نعد أحراراً في الشعور بالأمان.
وبالطبع فنحن لسنا متحررين من الفظائع التي تحدث في المدارس والمطارات والقواعد العسكرية ودور السينما والمطاعم والمستشفيات وحمامات السباحة والمكاتب الطبية.. وكثيراً ما يتم اعتراض طريق شخص ربما تم اقتحامه عن طريق الخطأ. من بين أكثر الصور الساخرة عن التخرج حزناً -وأكثرها دقة- تلك التي يتم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي حالياً، وهي صورة معدّلة ببرنامج الفوتوشوب بعنوان «عندما تتخرج أخيراً من المدرسة الثانوية في الولايات المتحدة»، حيث يرمي الأطفال سترات كيفلر (سترات الوقاية من الرصاص) بدلاً من قبعات التخرج في الهواء. أيها الأطفال، تمسكوا بالسترة الواقية من الرصاص، فأميركا خارج الفصل الدراسي ليست أكثر أماناً.
في الشهر الماضي فقط، قُتل خريج مدرسة ثانوية ووالده وأصيب خمسة آخرون برصاص أُطلق في حفل التخرج في ريتشموند. لقد خذلنا تماماً رؤيةَ آبائنا المؤسسين لأمة مسالمة وآمنة ومزدهرة، إذ كنا على استعداد لتطبيق القواعد التي تم تصورها عندما قام شخص منشق عن الثورة بنشر البنادق ومسدسات فلينتلوك وبنادق الصيد حتى اليوم، حيث يُسمح بشراء آلات القتل عالية التقنية بسهولة. ويتجلى هذا في ولاية ماريلاند، حيث تضاعفَ عدد تصاريح حمل الأسلحة، وعدد الأسلحة، ثلاث مرات بعد حكم المحكمة العليا العام الماضي بالتوسع في التعديل الثاني من الدستور.
بيتولا دفوراك*
*كاتبة أميركية مهتمة بمراقبة الأسلحة
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسينج آند سينديكيشن»