الشحن البحري.. وأهداف المناخ
ذكر خبراء في مجال الشحن البحري، أن المنظمة البحرية الدولية وضعت أهدافاً غير ملزمة للانبعاثات لا تلبي تقييد ارتفاع حرارة الكوكب عند 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل عصر الصناعة.
وتبنت المنظمة، المعنية بوضع قواعد الشحن الدولي، هدفاً صافيه صفر من الانبعاثات لعام 2050، مع وجود «محطات إعادة تقييم» مؤقتة في عامي 2030 و2040. وذكر خبراء أنه إذا تم اتباعها، فلن تقلص الاستراتيجية الجديدة انبعاثات الشحن بالسرعة الكافية لمواءمة تلوث الصناعة مع الهدف الممتد لاتفاقية باريس للحد من الانبعاثات العالمية لتقييد ارتفاع حرارة الكوكب 1.5 درجة مئوية فقط.
وذكر بريان كومر، رئيس البرنامج البحري في المجلس الدولي للنقل النظيف غير الهادف للربح، أن «هذه الاتفاقية لا تتسق مع قيام الشحن الدولي بدوره في الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية». وينقل الشحن البحري أكثر من 80 بالمئة من التجارة العالمية، ويتسبب في انبعاثات من غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي كل عام أكثر مما تتسبب فيه ألمانيا.
وتمثل الأهداف الجديدة تحسناً كبيراً لهدف المنظمة البحرية الدولية السابق لعام 2050 المتمثل في خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري 50 بالمئة فقط مقارنة بعام 2008. واستمرت محادثات المنظمة البحرية الدولية في الآونة الأخيرة أسبوعاً شهد تسجيل درجات الحرارة العالمية أرقاماً قياسية مرات عدة.
وترى أليسون شو، الزميلة في معهد لندن للطاقة بجامعة لندن وقائدة فريق السياسات في جامعة الخدمات الاستشارية البحرية أن «استراتيجية المنظمة البحرية في التصدي للغازات المسببة للاحتباس الحراري لعام 2023 لا تتماشى بوضوح مع مسار 1.5 درجة، لكنها تحدد التوقعات للتخفيضات بحلول عام 2030 و 2040».
وتلتزم اتفاقية باريس التي أبرمت عام 2015، بوقف الزيادة في متوسط درجة الحرارة العالمية إلى «أقل بكثير» من 2 درجة مئوية، مع مواصلة الجهود لإبقائها عند 1.5 درجة مئوية. وبموجب خطة المنظمة البحرية الدولية الجديدة، سيتجاوز الشحن الدولي حصته الحالية من ميزانية الكربون التي تبقي ارتفاع درجة الحرارة عند 1.5 درجة مئوية في العالم بحلول عام 2032 تقريباً، وفقاً لتقديرات المجلس الدولي للنقل النظيف. ومع ذلك، لن تتجاوز ميزانية الكربون «أقل بكثير» من 2 درجة مئوية، إذا تم تفسير ذلك على أنه 1.7 درجة مئوية، بحسب المجلس الدولي للنقل النظيف.
لكن بو سيراب سيمونسون، الرئيس التنفيذي لمركز «مارسك مكيني مولر للشحن صفري الكربون»، وهو منظمة غير هادفة للربح، يرى أنه «مع ذلك، نعتقد أن هذه الاستراتيجية هي خطوة كبيرة في الاتجاه الصحيح». والشحن البحري مسؤول عن نحو ثلاثة بالمئة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناجمة عن النشاط الإنساني ويستهلك مئات الملايين من الأطنان من الوقود سنوياً، وكلها تقريباً من النفط. ويمثل الانتقال إلى البدائل تحدياً كبيراً، لكن الشركات، ومنها أيه.بي مولر-مارسك (A.P. Moller-Maersk) وسي.إم.أيه سي.إم.أيه ( CMA CGM) قد استثمرت في السفن التي تعمل بالميثانول الأخضر، وهو أحد البدائل المحتملة.
وذكر «نيكولاس شوز»، رئيس اتحاد الشحن البحري بيمكو أن «التغيير العميق في طريقة بناء السفن وتشغيلها وتزويدها بالوقود سيؤثر على كل مالك سفينة على هذا الكوكب.
ويتعين إعادة تقييم قرارات الاستثمار، ويتعين تغيير التصاميم ونماذج الأعمال ستتأثر إلى الأبد». وفي الفترة التي سبقت اجتماع المنظمة البحرية الدولية في الأيام القليلة الماضية، أيدت أكثر من 20 دولة فكرة فرض ضريبة على انبعاثات الشحن في قمة مالية عالمية في باريس.
ولم تتخذ المنظمة البحرية الدولية أي إجراء من هذا القبيل في محادثات هذا الأسبوع، على الرغم من أن الاستراتيجية الجديدة تنص على أن سلة من «إجراءات خفض الغازات المسببة للاحتباس الحراري»، بما في ذلك «العنصر الاقتصادي»، يجب أن يتم الانتهاء منها والموافقة عليها بحلول عام 2025.
وذكر سيمون بينيت، نائب الأمين العام في غرفة الشحن الدولية التي تمثل أكثر من 80 بالمئة من الأسطول التجاري العالمي، أن «غالبية الحكومات الآن تدعم جمع ضريبة على الشحن تتضمن مساهمات ثابتة من السفن لكل طن من غازات الاحتباس الحراري المنبعثة وضخ هذه الضريبة في صندوق للمنظمة البحرية الدولية. ولم يتبقَ على عام 2040 إلا أقل من 17 عاماً، ونسبة توافر أنواع الوقود البحري غير المسببة لغازات الاحتباس الحراري هي صفر تقريباً».
*محرر متخصص في شؤون النقل البحري
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن يوست لايسينج آند سينديكسيشن»