التطرفُ مثيرٌ للكراهية
التطرف يعني الوقوف في الطرف الآخر من الحقيقة أياً كانت، أي التمسك بأفكار أو أيدلوجيا أو معتقد أو مذهب متشدد لا ينسجم مع الواقع والحقيقة، وفق نهج متشدد يمثل خروجاً على الأسس والقواعد الفكرية والثقافية السائدة التي ترتضيها الجماعة العامة أو السواد الأعظم من الناس على مر التاريخ.
والتطرف، سواء أكان دينياً أم سياسياً، هو خروج عن المألوف والعقل والمنطق، وتمسكٌ بالجانب الخاطئ من الواقع والتاريخ، لأسباب غير موضوعية يتعين تشخيصها في كل حالة على حدة، وقد تكون مرتبطة بالحالة النفسية أو الاجتماعية للشخص، وقد تكون ذات علاقة بالإفراط في سلوكيات معينة. ومن صفات المتطرفين حداثة السن، وضحالة الوعي، ومحدودية الثقافة، وسطحية التفكير، والطعن في العلماء، وتسفيه المعتقدات، وتكفير المخالف، والاعتداء على الآخر.. إلخ.
والتطرف الفكري هو أخطر أنواع التطرف على اختلافها، وهو يتمثل في الخروج عن القواعد الفكرية والثقافية والدينية الثابتة لدى عموم الناس.. ومن مظاهره التعصب للرأي، وعدم تقبل الآخر، وتشوش الأفكار، وتلوث المشاعر، وخرافية التفكير، والمصادرة على المطلوب.
وما أقدم عليه مؤخراً مواطنٌ سويدي عراقيُّ الأصل، في العاصمة ستوكهولم، يعد مظهراً من مظاهر الاعتداء على المقدسات الدينية للآخر المختلف ومعتقداته وثوابته. إنه عمل مدان ودنيء وغير مبرر، ويمثل عدواناً مادياً ومعنوياً، خاصة أن مقترفه اختار لتنفيذ جريمته مكاناً أمام المسجد الرئيس في استوكهولم، وزماناً هو أول أيام عيد الأضحى المبارك، كما أصر على تصويره وتوثيقه ونشره عبر وسائل التواصل الاجتماعي.. في تحد سافر لمشاعر أكثر من مليار مسلم حول العالم. إنه فعلٌ شاذ ومستفز ومتطرف، ويمثل اعتداءً على المقدسات الدينية والمشاعر الإيمانية في مناسبة دينية عظيمة.
وقد معالي الدكتور أنور بن محمد قرقاش المستشار الدبلوماسي لصاحب السمو رئيس الدولة، معلقاً على الحادثة إن «الاعتداء السافر والمتكرر على عقيدتنا الإسلامية بحجة حرية الرأي، يكرّس الكراهية والتناحر، فالمساس بالمقدسات يعمق المواجهة القيمية والأيديولوجية. العالم الغربي عليه إدراك أن منظومته القيمية وتبريره لها لا يمكن فرضه على العالم ولا بديل عن المعالجة الجماعية للتطرف بعيداً عن المزايدات».
وقد استدعت وزارةُ الخارجية بدولة الإمارات العربية المتحدة سفيرةَ مملكة السويد لدى الدولة وأبلغتها استنكارَها الشديدَ لسماح حكومة السويد لمتطرفين بحرق نسخة من القرآن الكريم، مشددةً على أهمية مراقبة خطاب الكراهية والعنصرية الذي يؤثر سلباً على تحقيق السلام والأمن. كما عبَّرت الوزارةُ عن رفض دولة الإمارات استخدامَ حرية التعبير كمسوغ لمثل هذه الأفعال الشنيعة.
وشددت مذكرة الوزارة على رفض دولة الإمارات الدائم لجميع الممارسات التي تستهدف زعزعةَ الأمن والاستقرار وتتنافى مع القيم والمبادئ الإنسانية والأخلاقية، مشيرةً إلى أن خطاب الكراهية والتطرف يمكن أن يؤدي إلى اندلاع نزاعات وتصعيدها وتكرارها في العالم. وأكدت المذكرةُ أهميةَ احترام الرموز الدينية والمقدسات، وضرورة الابتعاد عن التحريض والاستقطاب، في وقت يحتاج فيه العالَم إلى العمل معاً من أجل دعم المبادئ العالمية للتسامح والتعايش السلمي، والتي ينبغي دعمها وتنفيذها لتحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة.
إن ذلك التصرف العدائي الذي أقدم عليه ذلك المتطرف من النوع الذي يثير النعرات والتعصب والكراهية بين البشر، وعلى السلطات المختصة التي تم الفعل على أراضيها وأمام أنظار العالم أن تتصرف وفق الأحكام والقوانين الرادعة لحماية السكينة من هكذا تصرفات طائشة تؤجج الصراعات وتحدِث شروخاً بين المجتمعات المتصالحة والساعية إلى نشر المحبة والسلام والتسامح في ما بينها.
* كاتب سعودي