هل يخسر ترامب «التمهيدية» ويفوز بالترشيح الرئاسي؟
في ما يلي مشكلة أخرى قد تواجه «الجمهوريين» الذين لا يرغبون في أن يكون دونالد ترامب مرشحهم للانتخابات الرئاسية في 2024: هناك آلية يمكن أن تسمح له بالحصول على ترشيح الحزب حتى وإن هُزم في الانتخابات التمهيدية. إنها تتعلق بالطريقة اللامركزية التي يقرّر بها «الجمهوريون» ترشيحهم – وهي مختلفة عن الإجراءات الصارمة التي اعتمدها «الديمقراطيون» منذ سبعينيات القرن الماضي. والواقع أن «الجمهوريين» لديهم بعض القوانين الوطنية التي تؤثّر على الرزنامة وانتقاء المندوبين. غير أنه من عدة نواحٍ تتمتع الولايات بحرّية القيام بما تريد.
المشكلة هي الفرق بين تعيين المندوب وانتقاء المندوب. فالتعيين يتعلق بالمرشح الذي التزم المندوبون بالتصويت له أو يفترض بهم التصويت له. في حين أن الانتقاء يتعلق بالأشخاص الذين تم اختيارهم كمندوبين.
على الجانب «الديمقراطي»، الأمران مرتبطان ارتباطاً وثيقاً. ذلك أن المرشحين لديهم «قوائم» مندوبين، وهم عملياً يختارون مندوبيهم. أما بالنسبة لـ«الجمهوريين»، فإن التعيين والانتقاء غالباً ما يكونان إجراءين منفصلين. ذلك أن الانتخابات التمهيدية تحدد عدد المندوبين الذين سيحصل عليهم مرشح معيّن في المؤتمر. غير أنه في العديد من الولايات يتم انتقاء المندوبين أنفسهم على نحو منفصل، في إجراءات تسمح عادة لأعضاء الحزب المطلعين بالفوز.
والواقع أنه لا يوجد إحصاء نهائي لعدد المندوبين الذين يتم اختيارهم بهذه الطريقة، وهو ما زال من الممكن أن يتغير مع إكمال الولايات لقوانينها الخاصة بانتخابات 2024. غير أن الخبير في القوانين جوش بوتنام أخبرني بأنه في أغلبية الحالات – ربما «الأغلبية الساحقة» – يكون انتقاء المندوبين منفصلاً عن تعيين المندوبين.
ففي 2016، حينما عارض أعضاء مطلعون في الحزب جميعهم تقريبا ترامب، كان عددٌ لا بأس به من المندوبين الذين كانوا ملزمين بتأييد ترامب في المؤتمر يدعمون شخصاً آخر. غير أنهم صوّتوا على النحو الذي كان يُفترض بهم أن يصوّتوا به وآل الترشح لترامب.
الآن، الكثير من أعضاء الحزب المطلعين يُعدون من أشد أنصار ترامب، ومن المحتمل أن يكون الكثير من أولئك الذين سيتم انتقاؤهم كمندوبين مخلصين لترامب، بغض النظر عن الشخص الذي تعهدوا بالتصويت له. وعليه، فإن الخطر واضح: فعلى الرغم من أنهم قد يأتون إلى المؤتمر بعد أن تعهدوا بالتصويت لشخص آخر، إلا أن أولئك المندوبين يمكن أن يدعموا ترامب حينما يحضرون المؤتمر.
وإليكم الكيفية التي قد تمضي بها الأمور. فالمؤتمر هو الهيئة الحاكمة الأعلى، وهو حرٌّ في تغيير القوانين إذا رغبت أغلبية المندوبين في ذلك. وإذا كان لدى شخص آخر غير ترامب عددٌ كافٍ من المندوبين المتعهدين ليصبح المرشح ولكن أغلبية من المندوبين في المؤتمر موالية لترامب، فإن لجنة القوانين التابعة للمؤتمر يمكن أن تصوغ مقترحاً لـ«إطلاق» المندوبين. وحينها يستطيعون التصويت وفقاً لتفضيلهم الشخصي بدلاً من التصويت للمرشح الذي عُيّنوا له. كما أنني أتوقع أن تكون لجنة أوراق الاعتماد مشغولةً بتحديات تنحية بعض المندوبين بناءً على نتائج تنطوي على احتيال على ما يفترض – وهو إجراء يمكن أن يوسّع هامش مندوبي ترامب إن نجح.
وكل هذا سيكون في إطار ما يسمح به القانون. وإذا كان لدى ترامب عددٌ كافٍ من الأصوات لتغيير القوانين في المؤتمر، فإنه لن يكون هناك شيء يستطيع أي أحد فعله لإيقافه.
وبالطبع، من الممكن أن يفوز ترامب بعددٍ كافٍ من الانتخابات التمهيدية لدرجة أنه لن يكون في حاجة إلى أي خدع أو أعمال احتيالية في المؤتمر – كما أنه من الممكن أن يحقق مرشحٌ آخر نتائج جيدة جداً لدرجة تخوّل له أن يصبح مرشحاً بالإجماع. والجدير بالذكر هنا أن تحقيق كل ذلك سيتطلب حملة ماهرة للغاية، ولكن هذه الأخيرة ليست نقطة قوة ترامب (وإن كان يبدو أن لديه حملة أكثر مهنية بكثير من حملته في 2016).
غير أنه إذا حصل ترامب في نهاية المطاف على، لنقل 30% أو 40% من المندوبين المعينين، في حين حصل آخر على أكثر من 50% بقليل؟ في تلك الحالة، سيكون السؤال المهم هو: «من هم أولئك المندوبون؟»، وليس «لصالح من تعهدوا بالتصويت؟». والأكيد أنهم إذا كانوا من أنصار ترامب، فإنهم سيتصرفون كأنصار ترامب.
وخلاصة القول إن أي «جمهوريين» لا يرغبون في أن يكون ترامب مرشحهم يجدر بهم أن يكونوا الآن بصدد العمل على تحدي قوانين الحزب ومنعه من تخريب عملية انتقاء المندوب، ذلك أننا إذا كنا نعرف أي شيء عن ترامب، فهو أن فكرة الفوز عبر قلب إرادة الناخبين لا يبدو أنه يزعجه. كيف لا وترامب كان مستعداً لتجاهل الدستور في 6 يناير 2021. وعليه، فلا شك أنه سيكون مستعداً في يوليو 2024، إن اقتضى الأمر، لاستغلال أي هامش للمناورة بخصوص الإجراءات في المؤتمر «الجمهوري».
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسنسينج آند سينديكيشن»