«تيك توك» والأمن المعلوماتي
يعرف تطبيق «تيك توك» رواجاً كبيراً لدى الشباب خصوصاً بفضل تسجيلات الفيديو الطريفة التي تُبَث عبره وتتمحور بشكل كبير حول الرقص والموسيقى. وقد أعلنت هذه المنصة مؤخراً عن إطلاق نسخة تجريبية من «برنامج الإبداع» وهو صندوق مبتكر من أجل تحقيق إيرادات أعلى وفرص أكبر للمبدعين عبر المنصة، وسيمنح البرنامجُ المبدعين وصولًا إلى لوحة معلومات محدثة، مع مزيد من الأفكار حول الإيرادات المقدرة ومقاييس وتحليلات أداء الفيديو.
لكن هل استعمال منصة «تيك توك» آمن وسليم من الناحية الأمنية؟ نتذكر في هذا الصدد تصريحَ الرئيس الأميركي السابق ترامب الذي أعلن فيه، وهو على متن طائرته الرئاسية، أنه سيحظر استخدام تطبيق «تيك توك» في الولايات المتحدة، حيث تشتبه السلطات في إمكان حصول عمليات تجسس عبره لحساب الاستخبارات الصينية! إن هذا التصريح الرئاسي الأميركي السابق، وإقرار مجلس الشيوخ الأميركي مشروعَ قانون لمنع الموظفين الاتحاديين من استخدام المنصة على الأجهزة المملوكة للحكومة، تبعهما في هذه الأيام بيانٌ من المفوضية الأوروبية يمنع تطبيق «تيك توك» على هواتف موظفيها، وذلك لأسباب متعلقة بالأمن المعلوماتي، مما يشير إلى وجود مخاوف غربية بشأن التطبيق الصيني الذي يتيح مشاركةَ مقاطع الفيديو القصيرة والتعامل مع بيانات مستخدميه. وقد أكدت المفوضية الأوروبية في البيان أن القرار سينطبق حتى على الهواتف والأجهزة الشخصية لموظفي المفوضية، وأضافت أن هذا الإجراء يهدف إلى «حماية المفوضية من التهديدات المرتبطة بالأمن المعلوماتي والإجراءات التي قد يتم استغلالها في الهجمات الإلكترونية ضد البيئة المؤسسية للمفوضية».
وقد يكون ذلك القرار المفاجئ قد جاء نتيجة تحقيقات أو حوادث وقعت بالفعل، لكن لم يُفصَح عنها، ولهذا السبب في نظري بقي مفوض شؤون الصناعة في الاتحاد الأوروبي السيد تيري بريتون، مبهماً في خرجاته الإعلامية، إذ لم يفصح عما إذا كانت المفوضية قد تعرّضت لأي حوادث تتعلق بتيك توك.
وإذا ثبتت صحة كل هذه المخاوف في حق تطبيق «تيك توك» فإن ذلك يدخل في إطار المحددات الحالية لنوعية التجسس والحروب التي بدأت تتغير جذرياً عما ألِفه العالم وعما نظّر له كبار الاستراتيجيين التقليديين حول الحروب والخطط الحربية وأولهم الصيني القديم «صن تزو» ثم الجنرال البروسي كارل فون كلاوزفيت.. إلخ. فاليوم، من شأن عمليات التجسس الإلكترونية أو الهجمات السيبرانية أن تتعدى كل ما ألفناه في السابق، ويمكنها أن تتسبب في وقوع ضحايا وخسائر جسيمة ربما صور جانباً منها الجزء الرابع من سلسلة أفلام داي هارد Die Hard 4 أو كما عُرف في شمال أميركا Live free or Die Hard حيث نرى الشرطي جون ماكلين (بروس ويليس) في حرب مع نوع جديد من الهجمات الإلكترونية يبدأ بتعطيل إشارات المرور، مما يسبب زحمة خانقة، قبل مهاجمة شبكة الأنظمة التي تتحكم في البنى التحتية للولايات المتحدة، ليضع الهجومُ البلادَ ومن ثم العالَم ككل، في حالة شلل تام.
*أكاديمي مغربي