آفاق المستقبل
عقد كامل مرّ على انعقاد الدورة الأولى للقمة العالمية للحكومات التي انطلقت عام 2013 لمواجهة تحديات الحاضر والمستقبل. أرادت الإمارات أن تكون القمة عالمية تعمل لخير البشرية، وتبحث في الجديد الذي يمكن للحكومات تقديمه لتيسير خدماتها، ووضع خطط تنهض بالإنسان والأوطان.
والقمة التي تعقد سنوياً، تركز دوماً على القطاعات الحيوية في الإدارة الحكومية وعلى الابتكار وتعميم المعرفة، وعليه فقد استضافت منذ أول دورة لها أكثر من ألف جلسة وورشة عمل حضرها ممثلو دول وحكومات ومسؤولون وصناع قرار وخبراء وعلماء ورؤساء تنفيذيون من القطاعين الحكومي والخاص.
والقمة التي عقدت هذا العام تحت شعار (استشراف حكومات المستقبل) وفي ضوء ما طرحته من موضوعات ورؤى وإستراتيجيات وأفكار مبتكرة، كشفت بوضوح عن أن الطريق الأكثر جدوى لمواجهات التحديات التي تواجه الدول والشعوب على حدّ سواء، يستلزم التضامن والشراكة بين الأمم والشعوب.
وبرأينا الشخصي، ومن خلال كلمات القادة ومداخلات الحضور، أكدت القمة أن الإنسانية تمر بمرحلة تاريخية مفصلية، وبالتالي على الحكومات أن تعمل بالتعاون مع الجهات كافة في كل دول العالم لمواجهة أي تحديات مستقبلية وفق خطط متكاملة وشاملة تحقق تطلعاتها من جهة وأحلام شعوبها من جهة ثانية.
ومن منطلق إيمان الإمارات بأهمية العمل الدولي المشترك في تصميم وصناعة المستقبل، فهي دائماً ما تعمل على فتح كل الآفاق، وتمهيد الطرق من أجل تعزيز تعاون الدول فيما بينها، مع توفير فرص تبادل الخبرات والتجارب والممارسات الناجحة بين حكومات العالم، إلى جانب الإسهام ببناء منظومة مشتركة لتحقيق الإستراتيجيات المستقبلية، خصوصاً أن الإمارات باتت تجسد مثالاً حياً وملهماً لاستشراف المستقبل، وأصبحت نموذجاً يعتدّ به في هذا المجال من خلال ما تقدمه من إستراتيجيات تستبق التحديات، وهي التي اعتبرت استشراف المستقبل الركيزة الأساسية في اتخاذ قراراتها وتنفيذ أهدافها.
لا شك أن القمة التي تحرص على جمع نخبة من القادة والمسؤولين وصنّاع القرار وقادة الفكر والمتخصصين والمؤثرين في كل عام، تعكس حجم العمل الذي تقوم به الإمارات على الصعيد العالمي، وهي التي تثبت مقدرتها في تعزيز دورها الدولي ومسؤولياتها لكونها صاحبة رؤية استراتيجية على صعيد تهيئة نموذج علاقات دولية يشجع على التنمية والاستثمار في مناخات مستقرة وآمنة. ومن المؤكد أن ما مر به العالم خلال الفترة الماضية، خصوصاً فيما يتعلق بأزمة كورونا والحرب الروسية-الأوكرانية، قد ساهم في تعزيز النهج الإماراتي ببعده الإنساني.
في قمة هذا العام على سبيل المثال لا الحصر، تحدث الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي عن عمق العلاقات بين مصر والإمارات التي ما انفكت تدعم مصر في تنفيذ خططها وبناء مشاريعها التنموية، خصوصاً في قطاعي الطاقة والموارد، في حين سلط صاحب السمو الشيخ سعود بن صقر القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم رأس الخيمة، الضوء على المسيرة التنموية الشاملة في الإمارة والتي تنسجم مع توجهات الدولة ورؤيتها. كما استعرض سموه أهم المحطات والدروس المستفادة من النهضة التي تشهدها الإمارة في مختلف القطاعات، في إطار نظرة استشرافية لأهمية دور منظومة العمل الحكومي بريادة التوجهات المستقبلية.
عاماً تلو الآخر والقمة ترسخ وجهة نظر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، بشأن رسالة دولة الإمارات في الانفتاح على العالم، والتفاعل البنّاء مع المستجدات والتطورات التي تتشكل في العالم، والتعامل معها بما تقتضي القضايا التنموية، وبالتالي الإسهام المؤثر في عملية إيجاد حلول للتحديات المستقبلية بما يلبي طموحات الأجيال القادمة قدر المستطاع.