شعاع الليزر لحماية المنشآت من الصواعق
يعود الفضل إلى بنجامين فرانكلين في اختراع مانعة الصواعق، التي ظلت لمدة 270 عاما الأداة الرئيسية لحماية المباني من الصواعق المدمرة والمميتة. ولكن الآن، أثبتت تجربة طموحة على قمة جبل سويسري أن شعاع الليزر يمكن أن يساعد أيضا في توجيه مسار البرق، مما يوسع من فعالية اختراع فرانكلين ويأخذه إلى آفاق بعيدة.
تُصنع قضبان الصواعق من المعدن، الذي يوصل الكهرباء بشكل أفضل بكثير من الهواء المحيط، ويساعد في توجيه البرق إلى الأرض دون ضرر. تغطي الحماية التي يوفرها مانع الصواعق التقليدية مساحة بنصف قطر يساوي تقريبا ارتفاع القضيب.
تكمن الفكرة وراء البرق الموجه بالليزر في تمديد تلك المنطقة الواقية من خلال جعل مانع الصواعق يعمل كما لو كان أطول بمئات الأقدام، ويصل إلى ارتفاعات من شأنها أن تكون غير عملية ومكلفة لجسم مادي.
يزعم التقرير، الذي نُشر يوم الاثنين في مجلة «نيتشر فوتونيكس»، أنه يمكن نشر أشعة ليزر قوية للمساعدة في حماية المواقع الحساسة مثل المطارات ومنصات الإطلاق.
أظهرت عقود من تجارب الليزر في المختبرات سابقا، من حيث المبدأ، أن الليزر سيكون مفيدا في تطويع السماء. يذكر التقرير أن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها عرض المفهوم في العالم الحقيقي وسط عاصفة فعلية.
وأشاد جوزيف دواير، الفيزيائي بجامعة نيو هامبشاير والذي لم يكن جزءا من البحث ولديه خبرة في فيزياء البرق، بالتقرير ووصفه بأنه «خطوة كبيرة إلى الأمام».
يقول دواير: «كان الناس يحاولون القيام بأشياء مثل هذه باستخدام الليزر لفترة طويلة. يعد استخدام الليزر بدلاً من مانع الصواعق، أو استخدام الليزر لإحداث البرق أو توجيهه، فكرة رائعة. تبدو وكأنها لا تحتاج إلى تفكير ولكن اتضح أنها صعبة التنفيذ حقا».
تم إجراء التجربة على جبل «سانتيس» في شمال شرق سويسرا، حيث يوجد هناك برج اتصالات يبلغ ارتفاعه 407 أقدام (124 مترا)، ومجهز بمانع للصواعق، ويُضرب ما يقرب من مائة مرة في السنة.
وضع الباحثون جهازا في حجم السيارة لتوليد ليزر عالي الطاقة وسريع الاشتعال بجوار برج الاتصالات وأطلقوا نبضات في السماء أثناء الطقس العاصف. لم يخلق الليزر شعاعا من الضوء فحسب، بل خلق أيضا قناة من الهواء الخفيف الذي أثار البرق.
أثناء اشتعال الليزر، تمتص جزيئات الهواء طاقة الليزر وتطردها بسرعة كبيرة، تاركة وراءها قنوات طويلة العمر من الهواء الساخن بكثافة منخفضة. تعمل هذه القنوات كمسار مفضل للبرق.
على مدى ست ساعات تراكمية خلال عدة أسابيع من العواصف الصيفية، حولت قناة الغلاف الجوي التي أنشأها الليزر أربعة صواعق.
التقطت الكاميرات عالية السرعة صوراً من زاويتين مختلفتين لإحدى ضربات البرق. تظهر بوضوح أن الصاعقة تغوص في قناة الليزر ويتحرك على طولها لأكثر من 160 قدما. على الرغم من الاختبار الناجح، فإن قضبان الصواعق القائمة على الليزر ليست على وشك الظهور في متجر «هوم ديبوت».
يقول المؤلف الرئيسي للدراسة، أوريلين هوارد، من مدرسة البوليتكنيك في باريس: «إنها تقنية يمكن استخدامها لحماية الهياكل الكبيرة جدا. وهي مكلفة للغاية، حيث تبغل تكلفتها مليون يورو. لذا فلن تُستخدم لأي حماية صغيرة. يمكن استخدامها لمطار، حيث يوجد الكثير من الطائرات، أو منصة إطلاق للصواريخ».
الليزر المستخدم في التجربة ليس من النوع الذي يستخدمه الأستاذ أثناء عرض «باور بوينت» PowerPoint التقديمي. أنتجت ما يصل إلى ألف نبضة في الثانية. قال هوارد إن هذا الإطلاق السريع غير المعتاد لليزر كان حاسما لإنجاح هذه التجربة عندما لم تنجح الجهود السابقة.
يعتقد الباحثون أن سرعة هذه النبضات أنتجت تغيرات في الغلاف الجوي في الوقت المناسب لتكوين عمود من الهواء الساخن يفضل التفريغ الكهربائي. وقال هوارد «يمكن أن يكون ظهور البرق سريعا جدا». أدى نبض الليزر السريع إلى تحسين احتمالات انتزاع صاعقة البرق في قناة الغلاف الجوي التي تم إنشاؤها بشكل مصطنع.
البرق عبارة عن تفريغ إلكتروستاتيكي يمكن أن يتخذ أشكالا عديدة - ينزل أحيانا من السحابة إلى الأرض، وأحيانا يرتفع من السطح، وأحيانا يتعرج داخل سحابة واحدة أو يتنقل من سحابة إلى أخرى. انه خطير. تم تأكيد ما يزيد على 4000 حالة وفاة بسبب البرق سنويا في جميع أنحاء العالم، وفقا لتقرير «نيتشر فوتونيكس».
قال جان بيير وولف، الفيزيائي بجامعة جنيف وقائد التجربة: إن أضرار البرق في الولايات المتحدة وحدها تكلف أكثر من 3 مليارات دولار سنوياً.
كما تشكل ضربات الصواعق خطراً على الإلكترونيات، بما في ذلك المعدات الحساسة على الطائرات التجارية والصواريخ الفضائية. تنشر منصات الإطلاق عادةً العديد من قضبان الصواعق في محيط حول برج الإطلاق. لكن العواصف الرعدية تظل مصدر قلق لـ«ناسا» والجيش، الذين يواجهون تأخيرات مكلفة عندما يتعين سحب الصواريخ من المنصة لتقليل مخاطر حدوث صاعقة مدمرة.
قال دواير، الفيزيائي بجامعة نيو هامبشاير، إن تجربة سويسرا ربما تكون قد أوضحت مبدأ البرق الموجه بالليزر، «لكننا بعيدون جدا عن امتلاك التكنولوجيا للحفاظ على الجميع في مأمن من البرق».
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسينج آند سينزيكيشن»