سوق العمل يكافح لمواجهة الركود
يواجه الاقتصاد تهديدات مزدوجة: التضخم الذي نشهده والركود الذي نخشاه. متى سنعرف ما إذا كنا قد فزنا أم خسرنا أيّاً من المعركتين؟
مؤشر التضخم واضح ومباشر، حيث إن نمو الأسعار يتباطأ. لكن حالات الركود صعبة؛ فلا توجد نقطة بيانات واحدة تشير إلى أن الاقتصاد قد دخل حالة ركود، ولهذا السبب عندما يتم الإعلان رسمياً عن الركود بعد أشهر من وقوعه، تكون الولاياتُ المتحدة بالفعل في حالة ركود عميق. إن انخفاض أرقام سوق العمل الرئيسية، بما في ذلك التسريح المستمر للعمال والبطالة المتزايدة وانخفاض الوظائف.. هي مؤشرات على أن الاقتصاد في حالة ركود بالفعل.
إن العلامات المبكرة للركود في سوق العمل ليست تنبؤيةً بشكل قاطع. يمكن أن يومض التحذير دون أي عواقب، وقد يفشل في إرسال إشارة حتى بعد بدء الركود. إن الأمر كله يقع في نطاق التخمين. وفي الوقت الحالي، لا يبدو الأمر جيداً، حتى في ظل الأرقام القوية المفترضة.
ضع في اعتبارك فرصَ العمل؛ فقد شهدتْ ذروةً تاريخية خلال ما يقرب من عامين، مع توفير 10 ملايين فرصة عمل في نوفمبر الماضي. وظاهرياً، تعد هذه علامة رئيسية على القوة: هناك طلب على العمال، وفي حالة فقدان الوظائف هناك مجال في سوق العمل لاستيعاب النازحين.
لكن فرصةَ العمل ليست ملموسةً، وبالتالي فهي ليست واضحةً مثل التوظيف أو الاستقالة. يمكن أن تشير إلى الحاجة لمزيد من العمالة، لكنها قد تكون أيضاً وسيلةً لتتبع الأشخاص المهتمين بالشركة أو التحوط الاستراتيجي ضد عمليات الاستقالة المتوقعة.
وخلال العام الماضي، انخفض معدل الاستقالات والتعيينات بشكل مطرد، فكلاهما حدث في الركود. أو بعبارة أخرى، كان عام 2022 هو العام الأول المسجل (تبدأ البيانات في عام 2000) عندما انخفضت حالات الاستقالة والتعيينات بينما لم يكن الاقتصاد في حالة ركود.
القوة الأخرى المزعومة هي أن مطالبات البطالة (طلبات إعانة البطالة) الأولية لا تزال منخفضةً. لكن هناك صعوبة في تفسير هذا المؤشر أيضاً: فقد شاب استخدامه ومعناه تراجع البرنامج على مدى العقود الماضية. إن وجود العدد نفسه من المطالبات اليوم كما فعلت الولايات المتحدة في السبعينيات، عندما كان هناك 65 مليون عامل أقل، هو أكثر دلالة على ضعف البرنامج من قوة سوق العمل. ويجب أن نكون حذرين من وضع مخزون في شيء أشار إليه مكتب المساءلة الحكومية على أنه يمثل مخاطر عالية للاحتيال.
حتى أرقام الوظائف التي يُفترض أنها قوية لا يمكن الشك فيها. صحيح أن الاقتصاد لا يزال يوفر وظائف، لكن وفقاً لأرباب العمل فقط. عدد الوظائف الشهرية التي يتم الإبلاغ عنها كثيراً هو عدد الوظائف المتعلقة بالرواتب، والتي تم جمعها من مسح لأصحاب العمل. لكن وفقاً للأسر التي يتم مسحها أيضاً كل شهر، فإن التوظيف يعاني الركود. يقول أرباب العمل، إنهم أضافوا 2.7 مليون وظيفة في الأشهر الستة الماضية. وتقدّر الأُسرُ أن العدد يبلغ 12000 فقط.
هذا التناقض الكبير هو مصدر قلق لسببين؛ أولهما الأبحاث تشير إلى أن هذه التقديرات تميل إلى الاختلاف بشأن العمال المهمشين (الأشخاص الذين لديهم ارتباط ضعيف بالقوى العاملة)، والوظائف غير التقليدية، والعمالة الهشة. وغالباً ما يكون هؤلاء العمال هم أول المتضررين من الانكماش الاقتصادي. وثانيهما أن هذين الإجراءين يتحركان في العادة جنباً إلى جنب، لكن من المرجّح أن يتباعدا في الأشهر السابقة للركود. النمط نفسه الذي نراه الآن، حيث كان أحد التقديرات متعرجاً، وكان موجوداً كذلك، مما أدى إلى الركود العظيم.
في يوم الجمعة، سيغلق مكتب إحصاءات العمل عام 2022 بتقرير الوظائف لشهر ديسمبر، وسيكسب الطريقَ نحو النصر أو الهزيمة في تجنب الركود نقطة بيانات أخرى. لكن في كلتا الحالتين، سيعتبرون عام 2022 عاماً صعباً بالنسبة لسوق العمل: العام الذي قامت فيه الولايات المتحدة بتجنب الركود، أو العام الذي كان فيه الركود الذي حدث وشيكاً وواضحاً. لن تتغير البيانات، بل فقط تفسيرنا لعلامات التحذير.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسنيج آند سينديكيشين»