حرب أوكرانيا تغيِّر قائمة أغلى مدن العالم
عرفت قائمة أغلى المدن، التي ينجزها بشكل نصف سنوي قسم «ذي إيكونوميست إنتيليجنس يونيت» في لندن ضمن مسحٍ لتكلفة المعيشة عبر العالم، تغييرات جذرية هذا العام نتيجة تداعيات الحرب في أوكرانيا.
وعرفت موسكو وسانت بيترسبرغ، اللتان تُعدان المدينتين الأكبر من حيث عدد السكان في روسيا، أكبر قفزتين في تصنيف أي مدينة مدرجة في القائمة. فقد انتقلت موسكو من المرتبة الـ72 العام الماضي إلى المرتبة الـ37 في 2022. وبالمقابل، أصبحت العديد من المدن في أوروبا الغربية أقل غلاءً نتيجة تراجع الاقتصاد وقيمة العملة، رغم أن أسعار الغاز والكهرباء ارتفعت بسبب الحرب. والجدير بالذكر هنا أن قائمة هذا العام لم تشمل العاصمة الأوكرانية كييف.
«المشتبه فيهما المعتادتان» نيويورك وسنغافورة تقاسمتا المركز الأول، مرتبة تعزى إلى ارتفاع المداخيل وقوة الدولار الأميركي. أما تل أبيب، التي تصدّرت القائمة العام الماضي، فقد تراجعت إلى المركز الثالث، بينما حلّت لوس أنجلوس وهونج كونج في المركز الرابع.
نسخة 2022 تقارِن تكلفة المعيشة في 172 مدينة، إذ تقوم بتحليل أسعار أكثر من 200 نوع من السلع والخدمات بما في ذلك الإيجارات، وفواتير الماء والكهرباء، والسلع المنزلية، والمواد الغذائية. وقد وثّق المسح ارتفاعاً في التضخم بنسبة 8.1 في المئة عالمياً على مدى العام الماضي، وهو الأعلى الذي يسجل منذ أن بدأت وحدة «ذي إيكونوميست إنتيليجنس يونيت» رصده قبل عقدين من الزمن تقريباً.
وعزا علماء الاقتصاد أزمة تكلفة المعيشة العالمية جزئياً إلى الحرب في أوكرانيا، إلى جانب قيود كوفيد 19 الحالية في الصين، وتأثيرات أخرى للوباء، ومشاكل سلاسل التوريد، وتغير المناخ، والتأثير المفاقم للتضخم نفسه.
وترى «أوباسانا دات»، التي أشرفت على مسح تكلفة المعيشة هذا العام، أن الحرب في أوكرانيا تُعد أحد عاملين رئيسيين، إلى جانب الوباء.
إذ تقول: «ما نلاحظه هو عرقلة في سلسلة الإمداد حدثت بسبب الحرب»، مضيفة: «فلو لم تكن هناك حرب، لما رأينا هذا النوع من الاضطراب بالطبع ولكان الأمر محدوداً أكثر بكثير».
فبينما خففت قيود الوباء، التقى ارتفاع الطلب على السلع مع استمرار الاضطرابات في سلسلة الإمداد، تقول «دات»، مما أدى إلى ارتفاع مستويات التضخم. والعقوبات الغربية المفروضة على روسيا «فاقمت التأثير على توريد السلع في كل مكان».
التقرير يوثّق هذا التأثير في مدن أوروبية أخرى، حيث أدت محاولات تقليص الاعتماد على الطاقة الروسية إلى ارتفاع في الأسعار بالنسبة للغاز والكهرباء بنسبة 29 في المئة في بعض المناطق، مقارنةً مع متوسط ارتفاع عالمي هو 11 في المئة.
وعلى الصعيد العالمي، ارتفعت فواتير الماء والكهرباء بـ11 في المئة كمتوسط، في حين ارتفعت أسعار السيارات بـ9.5 في المئة في المتوسط بالعملة المحلية، وفقاً للاتحاد الأوروبي. وتعود أقوى زيادة في الأسعار رصدها التقرير إلى لتر الزيت، الذي ارتفع سعره بـ22 في المئة في المتوسط.
وفي أوروبا، مثّلت مدن لوكسمبورغ وستوكهولم وبروكسيل وليون (الفرنسية) ومانشيستر (الإنجليزية) 5 من المدن الـ10 التي عرفت أكبر تراجع في التصنيف هذا العام – وهي نتيجة تعزى إلى اقتصادات أضعفتها أزمة الطاقة.
أما في الولايات المتحدة، فقد صعدت 22 مدينة في الترتيب عقب زيادات سريعة في الأسعار. إذ شهدت مدن مثل أتلنتا وشارلوت وإنديانابوليس وسان دييغو وبوسطن صعوداً مهماً في ترتيب كلفة المعيشة – من بين أكبر 10 زيادات مماثلة مسجلة على مستوى العالم.
ولئن كانت إسطنبول وبوينس آيريس وطهران قد شهدت زيادات في التضخم، فإن أعلى معدل تضخم سُجل في كاراكاس (فنزويلا) حيث ارتفعت أسعار العيش بـ132 في المئة العام الماضي.
ولكن التقرير يتوقع بعض الانخفاض في التضخم في 2023، في حال «انخفضت» أسعار السلع «بشكل حاد»، وطالما لم تعرف الحرب في أوكرانيا تصعيداً.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسنينج آند سينديكيشن»