احتفالية الرؤية المبنية على حقائق
ليس احتفالاً عادياً هذا الذي تشهده دولة الإمارات العربية المتحدة في عيد اتحادها الحادي والخمسين، بل هناك رؤية حقيقية قائمة على التقييم المستمر والتخطيط المستدام على يدي دولة تعرف تماماً مكانَها في العالَم، وتدرك طبيعة المتغيرات العالمية، وتسعى لتكون فوق الجغرافيا عنواناً في تاريخ هذا العالَم.
في الأسبوع الأخير من نوفمبر الماضي، أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، إطلاق رؤية «نحن الإمارات 2031»، وهي استراتيجيةُ دولةٍ كاملة الأهلية نحو تحقيق أربعة أهداف واضحة ومحددة ستحققها الإمارات بلا شك، وهي تعمل على تحقيقها عملياً. وكل ما يشاهده العالَم من خطوات عملاقة وواثقة وهادئة في دولة الإمارات لم يكن إلا تأسيساً للمستقبل، وكلمة المستقبل بالنسبة لدولة الإمارات تحيل على رؤية واضحة يتم التخطيط لها بهدوء وثقة، وبكثير من المعرفة وعمق التصور ووضوح الفهم.
إلى فترة قريبة، كان العالَم كلُّه يتحدث عن دول معينة في أوروبا على أنها دول رفاه اجتماعي وصلت حداً في بناء الإنسان وتمكينه لا يمكن تصوره في باقي مناطق العالم. وأثناء ذلك كله كانت الإمارات قد خطت خطوات واسعة، بدون ضجيج ولا تبجح، في بناء الإنسان الإماراتي، وفق رؤية المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه. وهي الرؤية التي اعتمدت الإنسانَ كأساس للدولة المؤسسية المبنية على العلم والمعرفة، امتدت إلى عهد المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، طيب الله ثراه، لتجد تتويجها عبر استراتيجيات مبنية على خطط واضحة المعالم والتقاسيم والملامح في عهد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله.
وكشأن كثيرين غيري في أنحاء العالم، لا أُخفي إعجابي بصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، وذلك الهدوء الواثق الذي يميز شخصيته الفذة، وقد استند إلى عنصرين أساسيين في قيادة الدولة: تعاضد الفريق والتئامهم القوي معه وحوله، وإيمان الإنسان الإماراتي الذي أدرك في وقت مبكر من عمر الدولة معنى مفهوم المواطنة، فأصبح يعيش على أساسها مؤمناً بدولته.
وفي سياق الرؤية بعيدة المدى للدولة، منذ عام 1971، كانت هناك خطط واستراتيجيات بدأت بمنهجيات تلمس الطريق في البداية، ثم البناء «المبني على المعرفة والإنسان» في مرحلة ما بعد التأسيس، ومن بعدها لمس العالم كلّه مفهومَ «التفوق الإماراتي» وسره الكامن.
والآن تبدأ الإماراتُ، بلا ملل ولا كلل، العملَ على تجسيد فكرة «نحن الإمارات 2031»، وهي خطة مبنية على محاور لا تخفي رؤيةً أخرى تحتها تستهدف المئوية القادمةَ، إذ تخطط الإمارات تخطيط الواثق لمديات زمنية أبعد وأوسع.
في الرؤية الجديدة هناك أربعة محاور واضحة، تكشف عالميةَ دولة الإمارات في اتحادها، وانطلاقها من رؤية وحدوية منجزة بالكامل كدولة، إلى رؤية تشاركية مع العالَم من منطلق قيادي مستحَق.
«المجتمع الأكثر ازدهاراً عالمياً»، «المركز العالمي للاقتصاد الجديد»، «الداعم الأبرز للتعاون الدولي»، «المنظومة الأكثر ريادةً وتفوقاً».. أربعة محاور تشكل أهدافاً مشروعةً ومستحقةً لدولة بدأت انطلاقتَها قبل خمسين عاماً.
يحق للإماراتيين أن يحتفلوا بكل فرح، وقد بدؤوا التحضيرَ لخمسين عاماً القادمة بكل جدية وثقة.
هكذا تكون الدول في عالَم جديد قائم على الشراكة، وهكذا تكون القوة الناعمة رديفاً لتنمية الإنسان عبر المسيرة البشرية.
*كاتب أردني مقيم في بلجيكا