سلاح فصل الشتاء
ستدخل الحربُ الروسية الأوكرانية مرحلةً جديدة ما بين أطرافها، مع اقتراب فصل الشتاء الذي تستعد أوروبا لمواجهته، بتحديات جديدة وشكل مختلف، بسبب تخفيض روسيا إمدادات الطاقة لأوروبا، رداً على العقوبات الغربية بحقها وعل الدعم الغربي لأوكرانيا. وأعتقد أنه كلما طال فصل الشتاء ازدادت تحديات تقنين الطاقة وانقطاعات الكهرباء في أوروبا على الخصوص، مما سيصب في صالح موسكو.
تستخدم روسيا سلاح الطاقة في حربها مع أوكرانيا والغرب، ولا شك في أن دخول فصل الشتاء سيشكل إضافةً مجانيةً لسلاح الطاقة، بعد أن انخفضت إمدادات الغاز الروسي لأوروبا، ما سيؤثر على الدول الأوروبية التي تعتمد بشكل كبير على واردات الطاقة الروسية، وهذا ما قد يغير استراتيجية أوروبا في دعمها لأوكرانيا، خصوصاً خلال فصل الشتاء.
يتحدث الاتحاد الأوروبي عن قدرته على تجاوز فصل الشتاء بما يضمن أمن الطاقة، مع قدرة استراتيجية وصلت إلى 90% من الاحتياطي، عبر خطة أوروبية استباقية تهدف لادخار الطاقة وخفض استهلاك الغاز هذا الشتاء، بما لا يقل عن 15%. وقد سارعت دول الاتحاد الأوروبي إلى مراجعة احتياطياتها الاستراتيجية، وتوجهت إلى عدة دول أخرى منتجة للغاز في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، بالإضافة إلى الولايات المتحدة.. فهل تنجح الخطط الاستباقية في حل أزمة طوابير الانتظار أمام محطات الوقود؟
تتفاوت التوقعات حول درجات الحرارة خلال فصل الشتاء القادم في أوروبا، فمن جهتها تحدثت وكالة الطاقة الدولية عن أن أوروبا ستتجاوز الأزمة لو بقيت درجات الحرارة ضمن المعدل الاعتيادي، أما إذا كان الشتاء أكثر برودةً من معدل السنوات الماضية، فتزامنه مع تراجع إمدادات الغاز الروسية، سيشكل تهديداً لأمن الطاقة، بينما توقعت مراكز الأرصاد الجوية في أوروبا فصل شتاء ضمن المعدل الطبيعي والاعتيادي.
سيظل أمن الطاقة هاجساً يخيف الأوروبيون خلال الأشهر القادمة، ويبدو أن وصول الاحتياطي إلى 90% لا يعني انتهاء الأزمة، فلا يوجد ضامن بأن روسيا لن تقوم بتقليص الإمدادات مجدداً، سواء خلال هذا الشتاء أو في المراحل المقبلة، ولا يمكن ضمان عوامل حالة الطقس وما إن كان فصل الشتاء سيكون اعتيادياً أم استثنائياً.
لو نظرنا للإجراءات الأوروبية فيما يتعلق بتخفيض استهلاك الغاز بنسبة 15%، بالإضافة إلى تخصيص نحو 553 مليار يورو لمساعدة الأسر والشركات في سداد تكاليف المعيشة، وفواتير الطاقة الاستهلاكية، سنجد أن أزمة الطاقة الأوروبية ستستمر العام المقبل، مع احتمالية تخفيض روسيا إمدادات الغاز بشكل أكبر، وارتفاع أسعار الغاز الطبيعي المسال، المستورد من مصادر بديلة. وعليه، فإنْ تجاوزت أوروبا هذا الشتاء، فعليها التحضير لشتاء عام 2023، وهكذا دواليك.
لذا، هناك ضرورة ملحة لحل الأزمة من جذورها، وهي الحرب الأوكرانية الروسية عبر سبل الحوار، والاستفادة من الوساطات، وأحدثها مبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، لأجل خفض التصعيد بين كافة أطراف الصراع، مما سيصب في صالح الأمن والاستقرار في العالم ككل.
*كاتبة وإعلامية بحرينية