قرار أوبك+.. الأسباب والتداعيات
سيسهم قرار أوبك+ الاستراتيجي بشأن تخفيض الإنتاج بشكل إيجابي في أمن الطاقة العالمي واستقرار الأسعار، في دلالة على قوة قرارات دول الخليج السياسية والاقتصادية، وخصوصاً السعودية والإمارات، الذين لن يقبلوا الإملاءات من الغرب على حساب مصالح دولهم الوطنية.
دول الخليج مستقلة وقراراتها الاقتصادية مدروسة، وتأخذ بالاعتبار استقرار المنطقة والعالم، ومرتبطة بمصالحها وخططها الاستراتيجية، ولا يمكن أن تبنى على دخول الحزب الديمقراطي انتخابات التجديد النصفي في الكونجرس، ولو كانت انتخابات مصيرية تحدد السيطرة على مجلس النواب والشيوخ، وتؤثر على الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة، إلا أن هذا لا يعني أن تحدد السعودية والإمارات قراراتها الاقتصادية، لكي يدخل الحزب الديمقراطي الانتخابات في ظل أسعار بنزين أقل، فهذا شأن أميركي خاص، وليس له علاقة بقرارات أوبك+، ولا يمكن أن تقبل دول الخليج خسائر اقتصادية بسبب دخول إدارة بايدن الانتخابات النصفية، واعتمادها على رضا المواطن الأميركي، حول أسعار الطاقة في محطات الوقود لقبول الديمقراطيين.
قرار أوبك+ استراتيجي فني بحت، ولم يكن للأمر علاقة بالحسابات الانتخابية في الولايات المتحدة، أو الادعاءات التي تزعم دعم دول «أوبك» لروسيا، إنما هي على النقيض تماماً، فالسعودية والإمارات ودول «أوبك» تدافع عن مصالحها على المدى القصير والمتوسط والبعيد، في ظل حملة ممنهجة تشن ضد مصالح دول أوبك بغطاء الحرب الروسية الأوكرانية.
اعتمد قرار «أوبك+» بخفض الإنتاج بنحو 2 مليون برميل يومياً على عدة عوامل، وأبرزها أن هناك دولاً تقوم بالتخزين، واستراتيجياً في المستقبل ستضطر بعد انتهاء الحرب الروسية- الأوكرانية إلى استهلاك ما خزنته، وعليه، ستخفض شراء الخام. ولذلك، هناك فائض في الأسواق وطاقة التخزين تبلغ مستويات عالية في عدة دول مستوردة للنفط، بما فيها الولايات المتحدة، ولا يمكن أن تجبر دول «أوبك» على تحمل تكاليف التضخم من عائداتها.
لماذا تتحمل دول أوبك نتائج قرارات المعسكر الغربي السياسية غير المدروسة؟ والتي يدفع ثمنها الغرب نفسه؟ فعند النظر إلى الأزمات الراهنة، سنجد أن سبب الحرب الروسية الأوكرانية هو تمدد حلف «الناتو» إلى حدود روسيا، كما نجد دعماً غير مبرر لملف تايوان للضغط على الصين، ما قد ينذر بأزمة عالمية جديدة. بالمقابل وعند مقارنتها بأمن المنطقة العربية، سنجد أن إدارة بايدن أخرجت الحوثيين من قوائم الإرهاب، برغم استهداف المنشآت النفطية في السعودية والإمارات، فمن هذا المنطلق من حق الدول العربية المحورية، الحفاظ على مصالحها الاقتصادية والأمنية.
مصالح دول أوبك اقتصادية في المقام الأول، ولاشك أنها تهدف إلى تحقيق عائدات أكبر، وهذا حق سيادي لكل الدول، وأعتقد أن هناك مطلباً ضرورياً أن يتم تعزيز الحوار الخليجي الأميركي، كما حصل في قمة جدة للأمن والتنمية، عوضاً عن استخدام اللغة العدائية والتلويح بفرض «قانون نوبك» بشأن مقاومة الاحتكار. فالولايات المتحدة حليف رئيسي لدول الخليج، واستخدام اللغة العدائية ولو كانت بشكل غير مباشر، لا تخدم العلاقات الخليجية الأميركية.
* إعلامية وكاتبة بحرينية