هنا صوت العلاقات الإماراتية العُمانية
الحياة من حولنا لها أصوات متعددة ومختلفة تعكس طبيعتها وتحكي تاريخها وأحداثها، وعلى الصوت الذي سجلهُ التاريخ عبر الإعلامي الإماراتي الشهير أحمد المنصوري، حيث كان أول من قال عبر أثير الإذاعة: «هنا إذاعة عُمان من مسقط»، بعد مشاركته في تأسيس أول إذاعة في سلطنة عُمان تحت اسم إذاعة عُمان في عام 1970، فإن صوت هذه المقالة، يقول ويترنم بأن العلاقات الإماراتية العُمانية مُحصنة ومنيعة أمام التقلبات والتغيرات الإقليمية والدولية.
تستند العلاقات الإماراتية العُمانية إلى أبعاد جغرافية واجتماعية وتاريخية وسياسية، فمن خلال الجوار الجغرافي البري والبحري وقُرب الكثير من المدن والقرى بين الطرفين، نكتشف حضوراً لترابط اجتماعي، ممتد يعود إلى طبيعة ونسيج وتفاعل القبائل والأسر بين الطرفين، وحركة مستمرة متبادلة من التجارة والسياحة والطبابة وخدمات الطيران والعمل، وكل ذلك يعكس مدى قوة الاتصال والتواصل والتأثير في حركة التنمية والتطور مع أبعاد الروابط الاجتماعية بين البلدين.
البعد السياسي والاقتصادي، تتميز القيادة في البلدين بالسياسات الحكيمة والداعمة لأمن منطقة الخليج والعالم العربي والسلام الدولي، لذا تكمن هناك فرص وإمكانيات اقتصادية متعددة في مسائل مهمة مثل تحقيق الأمن المائي عبر محطات التحلية، حيث تتميز سلطنة عُمان بطول سواحلها على بحر العرب والمحيط الهندي، وهذه الإطلالة على مياه المحيط الهندي العميقة تجعل تحلية المياه أقل تكلفة وتأثيراً على الثروة السمكية على عكس مياه الخليج. والتعاون في توفير المياه من التحلية والسدود سيقود إلى اتساع الرقعة الزراعية وتصدير منتجاتها. علاوة على ذلك، هناك آفق في الاستثمار المتبادل عبر محطات كهربائية تزود المناطق والقرى بين البلدين الشقيقين. والمدن العُمانية الساحلية ممكن لها أن تتضمن إمكانية إنشاء مخازن استراتيجية للنفط مع إنشاء مصافٍ مشتركة لتكرير النفط الخام والعديد من المصانع كالبتروكيميائية. ومن الأهمية بمكان ذكر فرص تعزيز القطاع السياحي للبلدين على المستوى الإقليمي والدولي، على سبيل المثال تتميز سلطنة عُمان بالسياحة الجيولوجية على المستوى الدولي، مع امتلاكها للكثير من الآثار والمناطق الجغرافية المتنوعة وبعض الصناعات والأطعمة الشعبية العُمانية، مع سلوك شعبي يتميز بالاحترام والبساطة نحو الآخرين.
حقيقةً، فكل الأبعاد السياسية والجغرافية والتشريعية والاجتماعية مع توفر القوة المالية والبشرية والتعاون العلمي والمعرفي والتكنولوجي بين البلدين، تمهد نحو تطوير العلاقات في حلقات من الاعتماد المتبادل، المتعددة بين مسقط وأبوظبي، والذي يجعل الأمن الداخلي والإقليمي والدولي لهما في تداخل وتأثر وتكامل، لذا عهدنا نحن شعبيّ البلدين «الإمارات وعُمان» بحكمة القادة المتمثلة في جلالة السلطان هيثم بن طارق آل سعيد سلطان عُمان وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، بأنها ستعمل على تكامل الرؤية الأمنية المشتركة بين البلدين في ظل تعزيز أمن واستقرار منطقة الخليج والجزيرة العربية ومواجهة التحديات والقضايا الإقليمية والدولية وتحقيق الرفاه والتطور للشعبين الشقيقين.
ختاماً، لو سألتموني أن أحدّد لكم بكلمة واحدة العلاقات الإماراتية العُمانية لقلت بصوت مسموع وعالِ بأنها «مُحصنة» ضد التقلبات والمتغيرات الإقليمية والدولية.
* كاتب ومحلل سياسي