«ذبابة الرمل».. وقرحة الشرق
تشهد مدينة «كارتاجينا» الكولومبية، بداية من يوم الاثنين القادم ولمدة 6 أيام، وبحضور أكثر من 1500 من الأطباء والعلماء، انعقاد المؤتمر الدولي السابع، المختص بمرض «الليشمانيا»، والذي يعرف أحياناً بقرحة الشرق، أو قرحة بغداد، أو حبة حلب. ويهدف هذا المؤتمر في دورته السابعة، إلى دعم التعاون الدولي في مجالات الأبحاث المعتمدة على مجالات متعددة من التخصصات العلمية، لاستكشاف وتطوير أفكار واستراتيجيات جديدة، في مواجهة مرض يصيب حالياً الملايين من البشر، ويشوه مئات الآلاف منهم، ويقتل عشرات الآلاف سنوياً.
والليشمانيا أو قرحة بغداد، هو مرض معد ينتج عن العدوى بإحدى الطفيليات، ينتقل عن طريق حشرة ذبابة الرمل (Sandfly) التي تقتات على دماء البشر أو الحيوانات المصابة بالمرض، لتنقل الطفيل من شخص إلى آخر. ويقدر حالياً أن ما بين 700 ألف إلى مليون شخص يصابون سنوياً بالليشمانيا للمرة الأولى، جزء كبير منهم من أفقر فقراء العالم. حيث يرتبط هذا المرض بسوء التغذية، وضعف جهاز المناعة، والنزوح القسري، وسوء الأحوال المعيشية، وفقدان المصادر المالية للمكافحة والعلاج. ويرتبط الليشمانيا أيضاً بالتغيرات البيئية، مثل فقدان الغابات، وبناء السدود على الأنهار، وبناء تجمعات سكانية كبيرة أو ما يعرف بالتمدين. وتنتمي الليشمانيا إلى ما يعرف بمجموعة الأمراض الاستوائية المهملة (Neglected Tropical Diseases).
هذه المجموعة ببساطة هي سبعة عشر نوعاً من الأمراض الاستوائية المعدية، كان يقتصر وجودها حتى وقت قريب على الدول النامية والفقيرة، في آسيا، وأفريقيا، وأميركا الجنوبية والوسطى. ولكن في ظل التغيرات المناخية الحادثة، خصوصاً ظاهرة الإحماء العالمي الناتجة عن غازات الدفيئة - البيت الزجاجي، وما تسببت فيه من ارتفاع درجات الحرارة في مناطق مختلفة من العالم، شهدت السنوات الأخيرة اتساعاً في النطاق الجغرافي لانتشار الحشرات الناقلة للأمراض الاستوائية. وهو ما دفع مؤخراً بالأمراض الاستوائية لاحتلال مرتبة متقدمة على قائمة أولويات سياسات الصحة العامة الدولية.
وجدير بالذكر أن توقيع دولة الإمارات «إعلان كيغالي» بشأن الأمراض الاستوائية المهملة قرب نهاية الشهر الماضي، جاء في إطار مساهمة دولة الإمارات المتواصلة لمكافحة هذه الأمراض. حيث أكد حينها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله»، عبر تويتر: (توقيع دولة الإمارات «إعلان كيغالي» بشأن الأمراض المدارية المهملة يأتي في إطار مساهماتنا المتواصلة لمكافحة هذه الأمراض، والتعاون مع شركائنا في تبني أحدث الابتكارات والإستراتيجيات لتسريع الخطوات نحو القضاء عليها). وبذلك تؤكد دولة الإمارات مرة أخرى على التزامها تجاه القضاء على الأمراض الاستوائية المهملة، من خلال عدة مبادرات مثل المصادقة مؤخراً على إعلان كيغالي، وذلك تماشياً مع ريادة الدولة على مدار عدة عقود ضمن الجهود الرامية لمكافحة الأمراض المتوطنة على الصعيد العالمي.
*كاتب متخصص في الشؤون العلمية.