صوت «هاريس» الترجيحي
خلال أسبوع واحد فقط، صوتت نائبة الرئيس كامالا هاريس ست مرات لتنهي حالات تعادل الأصوات في مجلس الشيوخ. وبذلك يصل مجموع المرات التي صوتت فيها حتى الآن لتنهي حالة تعادل الأصوات إلى 23 مرة، وهو معدل قياسي.
وتحتل هاريس المرتبة الثالثة بعد جون سي كالهون الذي سجل 31 مرة بين عامي 1825 و1832، وجون آدامز الذي سجل 29 مرة بين عامي 1789 و1797.
وما صوتت عليه هاريس يروي قصةً مهمةً عن مجلس الشيوخ. فلم يكن تصويتها على تشريع اعتيادي، بل تعلق الأمر كله بالتدابير المتصلة بالميزانية أو الأمور المالية الأخرى التي تندرج في إطار المصالحة، ثم بشأن الترشيحات والتصويت الإجرائي على الترشيحات.
وعلى النقيض من ذلك حالة جورج بوش الأب حين كان نائباً للرئيس في الثمانينيات، فقد تعلقت ستة من أصل سبعة تصويتات قام بها لإنهاء تعادل الأصوات في مجلس الشيوخ بتعديلات مشروعات قوانين أو مقترحات متعلقة حول تعديلات فحسب. وهذه الأيام، أصبح النظر في التعديلات أقل بكثير.
ونتيجة استخدام الإجراءات المعرقِلة في كل شيء في مجلس الشيوخ، لم تعد التعديلات التي يتم عرضها ووصولها إلى التصويت تحتاج في العادة 60 صوتاً لإقرارها، مما يجعل صوت نائب الرئيس غير مؤثر.
لكن تعادل الأصوات فيما يتعلق بترشيح أشخاص لمناصب أصبح أكثر تواتراً الآن. فالترشيحات تجتذب معارضةً حزبيةً أكثر بكثير مما كانت عليه في السابق، وبعد أن غيرت الأغلبية الديمقراطية إجراءات مجلس الشيوخ في أكتوبر 2013 لإنهاء عمليات التعطيل لمعظم الترشيحات، أصبحت موافقة 50 صوتاً بالإضافة إلى صوت نائب الرئيس هو كل ما يتطلبه المضي قدماً في الترشيح.
والنقطة الثانية هنا تتعلق بمن يتهمهم المنتقِدون بأنهم «جمهوريون بالاسم فقط»، وهم المحافظون المعتدلون نسبياً، وأبناء عمومتهم من «الديمقراطيين» الليبراليين المعتدلين. والواقع أنه ليس لهؤلاء وجود أساساً. وهذا هو السبب في وجود حالات كثيرة من تساوي الأصوات في الكونجرس الحالي. وبوجود 50 ديمقراطياً و50 جمهورياً، سيكون هناك الكثير من تصويت 50 عضواً مقابل 50 عضواً مع تكاتف كل الديمقراطيين ضد كل الجمهوريين. والآن، لم يحدث إلا 23 تعادلاً في الأصوات، مما يعني أنه تم إقرار ترشيحات كثيرة من دون الانقسام بين 50 و50.
وفي حالات قليلة، حدث هذا حين منح غياب بعض الأعضاء الأغلبية للديمقراطيين مؤقتاً. وفي أغلب الأحيان، حدث هذا بفضل دعم جمهوري واحد على الأقل لمرشح ما. ويحدث العكس أيضاً، حين ينضم ديمقراطي أو أكثر إلى جميع الجمهوريين في معارضة مرشح ما، على الرغم من أنه في هذه الحالات يتم سحب الترشيح قبل طرحه للتصويت. والنادر الحدوث هو التداخل، أي تصويت مجموعة من الديمقراطيين مع معظم الجمهوريين، بينما يصوت مجموعة من الجمهوريين مع معظم الديمقراطيين.
فإذا كان الجمهوريان الأقل محافظة، وهما سوزان كولينز (من ولاية مين) وليزا موركوفسكي (من ألاسكا)، يدعمان مرشحاً للرئيس جو بايدن، فمن شبه المؤكد أن أقل الديمقراطيين ليبرالية، وهو جو مانشين (من ويست فرجينيا)، سيدعم أيضاً المرشحَ. وإذا عارض مانشين أحد المرشحين، ستعارضه أيضاً كولينز وموركوفسكي. وهذا لأن تصويتات مانشين في مجلس الشيوخ تبدو أكثر ليبرالية من كولينز وموركوفسكي. وإذا حل ديمقراطيون محل كولينز أو موركوفسكي، فستصبح فجأة الأغلبية الديمقراطية أكثر متانةً. وكان من الممكن إقرار بعض ترشيحات بايدن التي لم يؤيدها التصويت (لكنها قليلة على أي حال)، وهناك فرصة جيدة لإقرار مشروع قانون أو أكثر من مشروع قانون ديمقراطي رئيسي.
وإذا حل «جمهوري» محل مانشين، فستنتهي الأغلبية الديمقراطية، ومعها تنتهي معظم ترشيحات بايدن القضائية والتنفيذية، وأي أمل لمعظم قائمة أولويات الديمقراطيين. ويقاوم كثير من الناس قبول هذه الحقيقة الأساسية عن الكونجرس، وهي حقيقة تنطبق بشكل عام على جميع مستويات السياسة الأميركية.
فالحزبيون يجدون مانشين وموركوفسكي أشخاصاً مخيبين للآمال أو أسوأ من هذا. وهذا مفهوم، لكن أعضاء مجلس الشيوخ الذين يميلون إلى الوسط السياسي، مثل مانشين وكولينز، هم عادةً أفضل ما قد يأمله حزبهم في بعض الولايات. لكن الأشخاص الذين لا يحبون الأحزاب يعتبرون هؤلاء المعتدلين نسبياً أفضل من السياسيين التقليديين لأنهم لا يصوتون دوماً مع أحزابهم.
والحقيقة هي أن هذا النوع من أعضاء مجلس الشيوخ أو أعضاء مجلس النواب قد يكونون براغماتيين أو غير ذلك، أو يساعدون على البناء أو غير ذلك، أو فعالين أو غير ذلك. وهذا ينطبق على الذين ينتمون للتيار الأيديولوجي السائد لأحزابهم، أو حتى على شديدي الليبرالية أو شديدي المحافظة. إنهم فحسب يحصلون على اهتمام أكثر بكثير من الآخرين، على الأقل، حين يكون مجلس الشيوخ منقسماً بالتساوي بين الحزبين.
*جوناثان بيرنشتاين
أستاذ العلوم السياسية بجامعة تكساس.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»