أزمة الثقة في برنامج إيران النووي
تبنّى مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الأربعاء الماضي، قراراً ينتقد إيران لرفضها تقديم إجابات بشأن آثار اليورانيوم في ثلاثة مواقع غير معلنة، ويدعوها إلى التعاون الكامل مع مفتشي الأمم المتحدة المكلفين بالتحقيق في المواقع المذكورة.
وينطوي هذا القرار الذي صاغته الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها الأوروبيون الثلاثة (فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة)، على أهمية كبيرة لاعتبارات عدة: أولاً، القرار هو الأول من نوعه الذي يتم تمريره خلال عامين، ويأتي بعد عشرة أسابيع من الجمود في المحادثات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران بشأن إحياء الاتفاق النووي لعام 2015.
ولا شك أن هذا القرار سيلقي بظلال من الشك على فرص التوصل لاتفاق بشأن هذا الملف، حيث بدأت تتسع الشُّقة، مؤخراً، بعد الإشارات الإيجابية التي تحدثت عنها مختلف الأطراف، بينما تبدو «إمكانية إبرام صفقة لإحياء الاتفاق النووي مع إيران تتضاءل»، كما أكد منسق السياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل. ثانياً، صدر القرار بأغلبية ساحقة حيث صوّت لصالحه 30 عضواً من أعضاء مجلس المحافظين البالغ عددهم 35 عضواً.
وهذا بالطبع مؤشر على وحدة المجتمع الدولي في مواجهة برنامج إيران النووي، ويبعث بالتأكيد برسالة لا لبس فيها إلى إيران مفادها أنه يتعين عليها الوفاء بالتزاماتها المتعلقة بالضمانات وتقديم توضيحات ذات مصداقية بشأن قضايا الضمانات المعلقة، وضرورة الوفاء بالتزاماتها القانونية والتعاون مع الوكالة لتوضيح القضايا العالقة وحلها بشكل كامل دون مزيد من التأخير. ومن ثم فإن القرار خطوة مهمة للعمل بالوسائل المتاحة كلها لجعل طهران تلتزم بالضمانات.
ولكن إيران تبدو للأسف غير آبهة بقرارات الوكالة الدولية، أو بموقف المجتمع الدولي الرافض بشكل قاطع لامتلاكها سلاحاً نووياً، حيث أعلنت أنها ستوقف العديد من كاميرات الوكالة الدولية للطاقة الذرية في مواقعها النووية التي كانت تعمل بما يتجاوز التزامها الأساسي بالضمانات النووية، بل وصرحت وزارة خارجيتها أنها ستركب أجهزة طرد مركزي أكثر تقدماً في منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم رداً على القرار، بينما قال محمد رضا غيبي، القائم بأعمال مندوب إيران لدى المنظمة الدولية، إن القرار يثني إيران عن التعاون مع الوكالة، ولن يدفع طهران إلى تقديم تنازلات.
الأمر الأكيد هو أن المنطقة والعالم ليسا في حاجة لأزمة جديدة تضاف إلى سلسلة الأزمات التي تعصف بهما، وتبقى الأولوية لإعلاء صوت الحكمة وتغليب لغة التعاون البناء والحوار المبني على إعمال القواعد القانونية الدولية، والابتعاد عن أي سلوكيات من شأنها أن تزعزع الاستقرار أو تفاقم أزمة الثقة بين كل الأطراف المعنية.
مركز تريندز للبحوث والاستشارات