شراكة ذكيَّة بين الغاز والكهرباء بالمدن المستدَامة
تُعَدُّ زيادة الطلب سمة مميَّزة في قطاع الطاقة بالإمارات؛ نظرًا إلى اقتصادها المتنامي، ودفعها الكبير نحو الاستدامة الذاتية. وتبلغ قدرة التوليد الحاليَّة في دولة الإمارات العربية المتحدة 27 جيجاوات في 7 إمارات، أُضيفت 54 في المئة منها بين عامي 2007 و2012.
وفي عام 2017 أُعلِنت استراتيجيَّة الطاقة الإماراتية للعقود الثلاثة المقبلة (استراتيجية الطاقة 2050)، التي تهدف إلى خلق مزيج مثاليٍّ من الطاقة يجمع بين 44 في المئة من الطاقة النظيفة، و38 في المئة من الغاز، و12 في المئة من الفحم النظيف، و6 في المئة من الطاقة النووية؛ لتلبية المتطلَّبات الاقتصادية، والأهداف البيئية لدولة الإمارات، مع مراعاة تعهُّدها بخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
ومن هذا المنطلق فإن مسؤولية البيئة المستدامة، بالتزامن مع التنمية الاقتصادية في الدولة، هي فرصة استثماريَّة في السوق مرتبطة بالتوازن بين الطرفين. ومع زيادة الطلب على الغاز الطبيعي المُسَال على العرض الحاليِّ تتطوَّر علاقة قوية مع سوق الغاز؛ من أجل توفير إمدادات غاز كافية لدولة الإمارات، ومع التغييرات في تكنولوجيا التدفئة والتبريد والطلب على المكوِّنات المتعددة الاستخدامات، فإن إعادة التفكير في مصدر الطاقة أمر إلزاميٌّ لتخطيط مدن صديقة للبيئة تتسم بالكفاءة في استخدام الطاقة المستدامة مع نمو اقتصاديٍّ قوي.
ويمكن أن يؤدي الاختراق العالي للخلايا الكهروضوئيَّة في نظام توزيع الشبكة إلى إيجاد صعوبات في تشغيل الشبكات الصغيرة، إلى جانب الحاجة إلى محطات احتياطيَّة للتغلُّب على تقطُّع مصادر الطاقة المتجددة. ويمكن توفير هذه المحطات الاحتياطيَّة عبر أنظمة تخزين الطاقة، مثل البطاريات، أو خلايا الوقود باستخدام الهيدروجين. ويمكن أيضًا إنتاج الهيدروجين من الطاقة الكهروضوئيَّة الزائدة عن طريق التحليل الكهربائي للماء. والتحدي التشغيليُّ الآخر هو الخسائر العالية للشبكة؛ بسبب خصائص خطوط شبكة توزيع الكهرباء، ومع ذلك فإن شبكة الغاز تعتمد على الشبكة الكهربائية لتمكين مكوِّناتها (مثل المضخات، والضواغط، وما إلى ذلك)، وتشغيلها.
وتتكون العملية القياسيَّة من مرحلتين، حيث تعمل مرافق الغاز في المرحلة الأولى على تقليل استهلاك الطاقة عن طريق جدولة المضخَّة المثالية متعددة المُدَد ليوم واحد، وفقًا لتوقُّعات الطلب على الغاز في اليوم التالي. والمرحلة الثانية هي مشكلة تتعلَّق بالتزام الوحدة في تشغيل الشبكة الكهربائية يومًا بعد يوم؛ للحفاظ على الحدِّ الأدنى من تكلفة الطاقة، مع تلبية الطلب المتوقَّع في اليوم التالي، تبعًا لأجهزة التحكُّم مثل البطاريات، ومولِّدات الطاقة.
ولا بدَّ من إعادة التفكير في إمدادات الطاقة للمدن المستدامة، ومن ضمنها الجزر الصناعية، عن طريق تصميم العلاقة بين الغاز والطاقة، مع التركيز على التحسين المشترك لتشغيل شبكات الطاقة الغازيَّة المقترنة في مرحلة واحدة من خلال الاستفادة من التقنيات الجديدة، ومرونة إدارة الطلب على الطاقة، بصفتها حلولًا واعدةً للتخفيف من عدم التوازن بين بدائل إمداد الطاقة المختلفة، ومرونة أحمال التدفئة والتبريد، وغيرها.
ومن وجهة نظري لا بدَّ من أن تتمركز الدراسة الاستراتيجيَّة لهذا المجال على مرحلتين: التخطيط الطويل المدى (التحجيم، والتخصيص) للتقنيات الشائعة بصفتها محورًا للطاقة المتجدِّدة والهيدروجين، إلى جانب الجدولة التكتيكيَّة القصيرة المدى للإرسال. ويمكن تحسين أنشطة التصميم مع ضمان الحفاظ على الجدولة المُثلَى، والنظام المرن، باستخدام مختلف المؤشرات الفنية، والاقتصادية، والاجتماعية، والبيئية. أمَّا بشأن الحد من الطلب على الطاقة فإنه ممكنٌ عن طريق فحص خدمات التوريد للمضخات، والضواغط، ومحطات المركبات، وتدفئة أو تبريد المنازل، أو المباني، والصناعات، وتتضمَّن هذه الأخيرة خلايا الوقود لإنتاج الطاقة والحرارة، التي تُستخدَم بدورها في مبرِّدات الامتصاص لإنتاج خدمة التبريد للمبنى.
د. أمينة سعد السميطي
*أكاديمية إماراتية