شبكات الجيل السادس.. بدايةُ حديث
يصاحب إطلاقَ أيِّ جيل من أجيال الاتصالات اللاسلكية زخمٌ لعرض القدرات التقنيَّة، يتضمَّن سرعات بيانات عالية، وزمن استجابة لا يتجاوز جزءًا من الألف من الثانية، والقدرة على استيعاب الاتصالات الكثيفة، مع ضمان الجودة في مختلف الظروف والسياقات -سواء المكانية، أو الزمانية- من تجمُّعات حضريَّة عالية الكثافة السكانيَّة والعمرانيَّة إلى مناطق ريفيَّة مترامية الأطراف ذات انتشار سكانيٍّ منخفض، سواء كانت شبكات الاتصالات تعمل في أوقات الذروة، أو خارجها.
ودائمًا ما يكون هناك تسابق بين كبريات شركات التكنولوجيا لإعداد البنية التحتيَّة للجيل، ومواءمة منتجاتها مع المعايير الدولية المعتمَدَة من الاتحاد الدولي للاتصالات.
وقد بدأ فِعلًا الإعداد لما بعد الجيل الخامس للاتصالات، إذ أعلنت اقتصادات متقدِّمة عدَّة دعمها المراكز البحثيَّة لإطلاق عمليات بحث وتطوير من أجل إنجاز الجيل السادس من شبكات الاتصالات، وإطلاقها بشكل تجاري في أوائل عام 2030، بمواصفات ذات مستهدَفَات تفوق الجيل الخامس، ومن بينها الوصولُ إلى سرعات تبلغ تيرابايت في الثانية، ومضاعفةُ عدد المستخدِمين في الكيلومتر المربع الواحد، ليصل إلى 10 ملايين جهاز في الكيلومتر المربع، وتعزيز كفاءة استخدام الطَّيف التردُّدِي، وغيرها من المستهدفات الطموحة. وجميع هذه القراءات والتوقُّعات مجرد بداية حديث لسؤال مهم: ماذا يمكن أن تقدِّم شبكات الجيل السادس لنا؟
ولعلَّ الإجابة يجب أن تبدأ باستشراف الخدمات المستقبليَّة الاستباقيَّة من قِبل أصحاب المصلحة، ومقدِّمي الخدمات في القطاعات ذات الأولوية، مثل التعليم والصحة والنقل والطاقة المتجدِّدة والفضاء، حتى تُخلَقَ سياقات وسيناريوهات حالات استخدامٍ تُطوَّع فيها تكنولوجيا شبكات الجيل السادس، وقدراتها، من أجل دعم اتخاذ القرارات الاستباقيَّة في الوقت المناسب، وكذلك إيجاد آفاق جديدة لعمليات التحوُّل الرقمي، وتمكين الذكاء الاصطناعي من إعادة صياغة الخدمات، وأتمتة المهامِّ ذات التعقيد الشديد، عن طريق الحصول على البيانات عالية الجودة، وتحليلها في الوقت المناسب، ضمن البنية التحتيَّة لشبكات الجيل السادس، وستكون الخدمات المستقبليَّة هي الموجِّه الأساسيَّ لعمل شبكات الجيل السادس، ما يعني أن هذه الشبكات ستكون ذكيَّة، وذات مرونة عالية، وقابلة للتطوُّر بشكل ذاتي، من أجل تعزيز مقدرتها على تلبية المتطلَّبات المتغيرة لمقدمي الخدمات في القطاعات المختلفة.
د. شوقي قائد خرباش
*أكاديمي إماراتي