لا يشعر الأعضاء الجدد في منطقة اليورو بأي ندم على الانضمام إلى كتلة العملة، لكنهم يتصارعون مع واحدة من جوانبها السلبية. في دولة إستونيا الواقعة على بحر البلطيق، سجل التضخم أعلى مستوياته في عقدين من الزمن بنسبة 12.2% في ديسمبر الماضي. ولم يكن أداء ليتوانيا المجاورة أفضل بكثير، حيث أظهرت بيانات الأسبوع الماضي نمو الأسعار بأكثر من ضعف المعدل القياسي في منطقة اليورو البالغ 5%.
وأكد كبير الاقتصاديين في البنك المركزي الأوروبي مجدداً أن زيادة أسعار الفائدة «غير مرجحة بشكل كبير» في عام 2022، حيث تشير التوقعات إلى أن التضخم سيتباطأ إلى ما دون هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2% على المدى المتوسط. لا ينبغي أن يتوقعوا أن تأتي السياسة النقدية للإنقاذ في أي وقت قريب.
يتناقض هذا مع الإجراءات الأكثر عدوانية في الدول التي ليست جزءاً من منطقة اليورو، حيث يتصرف محافظو البنوك المركزية من وارسو إلى بودابست بقوة للحد من زيادات الأسعار التي لم نشهدها منذ أعقاب الشيوعية.
قال مارتينز أبولينز، الخبير الاقتصادي في «سيتاديلي بانكا» (بنك سيتاديل) في ريجا، عاصمة لاتفيا، حيث قفزت أسعار المستهلك بنسبة 7.9% الشهر الماضي، إذا كنا نتبع سياستنا النقدية الخاصة «ربما سنفعل ما تفعله بولندا ونرفع أسعار الفائدة».
وأضاف في تصريحات عبر الهاتف أنه في حين أن تكاليف الاقتراض كانت «منخفضة بعض الشيء» في منطقة البلطيق لسنوات دون إحداث اختلالات اقتصادية خطيرة، فإن الحصة المتزايدة للأجور في الناتج المحلي الإجمالي هي مدعاة للقلق.
وتشهد إستونيا هذه الحالة من القلق، حيث تدرس الحكومة اتخاذ خطوات للحد من التضخم من خلال الميزانية.
قالت وزيرة المالية، كيت بينتوس روزيمانوس، لبلومبرج: «إذا كانت لدينا سياسة سعر فائدة واحدة عبر منطقة اليورو، فإن دور السياسة المالية الوطنية هو تسوية الاختلافات».
ويوافقها نظيرها الليتواني، جينتاري سكايستي، على ذلك، حيث ذكر أمام مؤتمر صحفي أن قضية الأوضاع الاقتصادية المتباينة قد أثيرت في اجتماعات مجموعة اليورو.وأضاف سكايستي: «من الصعب إيجاد سياسات تناسب الجميع. لذلك، يجب أن نعتمد أكثر على الإجراءات الوطنية التي يمكن أن تتخذها الدول».
ومما زاد من تفاقم عدم تكافؤ الأسعار هو وجود نقص حاد في العمال في المنطقة، بينما من المقرر أن تبدأ المليارات من اليورو من نقود الاتحاد الأوروبي المخصصة للتعافي من الجائحة في الوصول قريباً.
ومع ذلك، ليس هناك شك في أن دول البلطيق سعيدة لاعتمادها اليورو. فإلى جانب الامتيازات الاقتصادية والتجارية، ساعد التبديل على ترسيخ التوجه الغربي للمنطقة التي يبلغ عدد سكانها 6 ملايين نسمة، خارج نطاق موسكو.
وأكد محافظ البنك المركزي في لاتفيا، مارتينز كازاك، الذي انضمت بلاده إلى منطقة اليورو قبل ثماني سنوات، أن الانضمام إلى منطقة اليورو كان «ذا فائدة هائلة».
وأضاف: «انظروا إلى المثال البسيط للغاية لأزمة عام 2008 وأزمة عام 2020. إذا لم تكن لدينا في ذلك الوقت إمكانية للاقتراض وكان التعديل المالي مؤلماً للغاية، لكان الأمر الآن قصة مختلفة تماماً».
على عكس بلدان مثل ألمانيا، هناك قدر قليل من التذمر العام بشأن النوبة الحالية من الزيادات الحادة في الأسعار، حيث نجا العديد من مواطني دول البلطيق من التضخم المفرط الناجم عن انهيار الاتحاد السوفييتي.
من بعض النواحي، فإن مأزقهم الحالي هو مجرد نسخة أكثر تطرفاً مما يحدث في الدول الأعضاء الأكبر في منطقة اليورو، حيث الطاقة هي القوة الدافعة.
جاءت نصف الزيادة في الأسعار في إستونيا الشهر الماضي من الطاقة، حيث ارتفعت تكاليف الكهرباء والغاز الطبيعي بأكثر من 120% عن العام السابق في ديسمبر، وزيادة الاستخدام في درجات الحرارة الشمالية الباردة.
لكن محنتهم قد تدق أيضاً أجراس الإنذار في البنك المركزي الأوروبي، حيث يتحدث البنك المركزي في تالين بعبارات أكثر إلحاحاً من صانعي السياسة في فرانكفورت حول خطر تأثيرات الجولة الثانية.
قال سوليت بيرت، الخبير الاقتصادي في البنك المركزي الإستوني: «أسعار الطاقة المرتفعة تعني أن التضخم لن ينخفض في المستقبل القريب. إنه لأمر سيئ بالنسبة للاقتصاد أن يؤدي الارتفاع المؤقت في التضخم إلى ارتفاع تكاليف العمالة للشركات مما يدفعها إلى تعديل أسعارها الخاصة، الأمر الذي يسبب دوامة أسعار الأجور».
آرون إجليتيس وميلدا سيبوتيت
صحفيان لدى بلومبيرج
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»