تُعرّف الأمم المتحدة العنف ضد النساء بأنه أي فعل ضد الإناث يؤدي إلى، أو في الغالب سيؤدي إلى، معاناة وأذى جسدي أو جنسي أو عقلي ونفسي، بما في ذلك مجرد التهديد بمثل هذه الأفعال أو الإكراه والغصب، أو الحرمان التعسفي والاستبدادي من الحرية، سواء كان ذلك في الحياة العامة أو الخاصة. ورغم أنه من الممكن الوقاية من ومنع العنف ضد النساء، إلا أن التقديرات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية، تشير إلى أن 30%، أي واحدة من بين كل ثلاث من النساء حول العالم، تعرضت خلال مرحلة ما من حياتها للعنف الجسدي و/أو العنف الجنسي، من أزواجهن أو من الغرباء. هذا على الرغم من أن الحماية والوقاية من العنف، هو أحد الحقوق الإنسانية الأساسية، ومكون أساسي في تحقيق هدف المساواة بين الجنسين، ومن أهم قضايا الصحة العامة.
وأمام هذا الانتشار الواسع لهذه الظاهرة، وتبعاتها السلبية على العديد من جوانب حياة الضحايا، قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة، تخصيص يوم الخامس والعشرين من شهر نوفمبر من كل عام، كيوم لتضافر الجهود الدولية نحو تحقيق هدف القضاء على العنف ضد النساء. ويهدف هذا اليوم لزيادة الوعي بأن نسبة لا يستهان بها من نساء العالم، يتعرضن يومياً للعنف المنزلي، وللاغتصاب، ولأشكال أخرى متنوعة من العنف، دون أن يكون مدى وفداحة هذه الظاهرة واضحاً للعيان للكثيرين.
وغالباً ما يكون أفراد الطاقم الطبي والعاملين بقطاع الرعاية الصحية، هم أول من يتم الإفصاح لهم عندما تتعرض النساء للعنف، مما يجعل لهذا القطاع دوراً محورياً في كشف هذه الظاهرة، وتقدير حجمها ومداها في مجتمع ما. وخصوصاً أن العنف الذي يتعرضن له النساء، غالباً ما تنتج عنه تبعات صحية وخيمة، تتجسد في الإصابات الجسدية الخطيرة مثل الكسور، أو الضرر النفسي العميق الذي قد يدفع الكثيرات إلى الاكتئاب والأفكار الانتحارية. أضف إلى ذلك أن العنف الجنسي، وبالتحديد الاغتصاب، يزيد من احتمالات الإصابة بالأمراض الجنسية، مثل مرض نقص المناعة المكتسبة أو الإيدز، أو الحمل غير المرغوب فيه بعد الاغتصاب.
ولذا شرعت العديد من المنظمات والجهات والمؤسسات العاملة في مجال الصحة العامة، إلى إطلاق مناهج وبرامج تدريب خاصة للعاملين بالقطاع الصحي، والمعنيين بتوفير الرعاية لمن تعرضن للعنف، مع التركيز على جاهزية المنشأة، وزيادة أعداد المهنيين المتخصصين، ورفع مستوى البنية التحتية، وخصوصاً على صعيد الإمدادات وإجراءات الوقاية الفعالة. بناء على أن تبعات العنف ضد النساء، لا تترك آثارها على الضحية فقط، بل تمتد أيضاً إلى الأسرة والأطفال، والمجتمع برمته.
كاتب متخصص في الشؤون العلمية.