لا يخلو مجرى التاريخ الطويل من اللحظات التي تستنير بها الحضارة البشرية، وتبهر العالم بمغزاها الخاص وتأثيرها العميق. قبل خمسين عاماً، رفع علم دولة الإمارات العربية المتحدة لأول مرة في دار الاتحاد، ومن هنا انطلقت الإمارات الشابة بخطى واثقة، للشروع في مسيرة جديدة لتحقيق ازدهار البلاد وسعادة الشعب، وتدشين صفحات ناصعة في تغيير المشهد للشرق الأوسط وإفادة البشرية.
خلال خمسين عاماً من العمل الجاد، سلكت الإمارات طريقاً تنموياً مستقلّاً. تحت قيادة الأب المؤسس لاتحاد الإمارات المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، وإخوانه من قادة الإمارات، واصل الشعب الإماراتي نضاله جيلاً بعد جيل، حيث تلمّس طريقاً تنموياً حديثاً فريداً بإرادته المستقلة، مما حوّل الإمارات من الصحراء وقرى الصيد إلى أهم مركز تجاري ومالي وجوي في منطقة الشرق الأوسط، وإلى مركز عالمي للريادة في مجال التكنولوجيا الفائقة.
دخلت الإمارات المراكز الثلاثين الأولى عالمياً من حيث الناتج المحلي الإجمالي، بحيث أصبحت أغنى دولة توفر أفضل مستوى للمعيشة، ويعمّها الازدهار والرخاء. خلال خمسين عاماً، وضعت الإمارات مثالاً تنموياً يتميز بالانفتاح والتسامح والتعددية. قال الشيخ زايد «التسامح واجب، لأن الإنسان إنسان في المقام الأول، خلقه الله إن كان مسلماً أو غير مسلم». هذا وظلت الإمارات تحرص على إعلاء مفهوم الانفتاح والتسامح، حيث تفتح أبوابها لشعوب العالم لكي تعيش فيها بسعادة وأمان، بما يقدّم أنموذجاً ملهماً للتعايش المتناغم بين المقيمين المنتمين إلى مختلف النظم الاجتماعية والديانات والثقافات والتقاليد، ويشكّل مشهداً يسوده الوئام والانسجام مع احترام الخلافات.
وفقاً لتقرير السعادة العالمي، صُنفت الإمارات كواحدة من أسعد الدول في العالم لسنوات متتالية. خلال خمسين عاماً من إرساء السلام والوئام، دعمت الإمارات المساعي الهادفة إلى تحقيق السلام والتنمية على المستوى العالمي. وإذ تدرك الإمارات قيمة السلام والأمان في منطقة الشرق الأوسط التي تتشابك فيها النزاعات العرقية والعوامل الجيوسياسية، فإنها تنتهج سياسة خارجية معتدلة ومتوازنة على مبدأ حسن الجوار، داعية إلى تسوية الخلافات عبر التشاور السلمي، ومن شأن ذلك إحلال السلام والاستقرار إقليمياً ودولياً.
قبل فترة وجيزة، فازت الإمارات بمقعد غير دائم لمجلس الأمن الدولي لفترة 2022-2023، بما يعكس اعترافاً دولياً واسع النطاق بالدور المتميز للإمارات. علاوة على ذلك، توفّر الإمارات بنشاط مساعدات خارجية حيث أرسلت مساعدات طبية إلى دول العالم بعد تفشي فيروس كورونا المستجد، وأصبحت مركزاً إقليمياً مهماً لإنتاج ونقل اللقاح، الأمر الذي قدم مساهمة ثمينة في هزيمة الجائحة للبشرية.
منذ أن توليت منصب السفير الصيني لدى الإمارات، غالباً ما تأثرتُ بروح الريادة للشعب الإماراتي، المتمثل في المبادرة إلى التنمية والجرأة على الابتكار، وشعرتُ بالتشجيع من الأرضية المشتركة الواسعة بين الصين والإمارات في مفهوم حكم البلاد والطريق التنموي والإصلاح والابتكار... إلخ. بالتوازي مع اليوبيل الذهبي للإمارات، شرعت الصين في مسيرة جديدة من بناء دولة اشتراكية حديثة على نحو شامل، متجهة نحو النهضة العظيمة بخطوات لا تقاوم. وعليه، إن إقامة علاقات شراكة استراتيجية شاملة أوثق بين البلدين، مطلب حتمي لتطور العصر، وتطلع مشترك لشعبي البلدين.
ومن هذا المنطلق التاريخي الجديد، ستعمل الصين والإمارات على صياغة معادلة التعاون الأكثر شمولاً وتكاملاً برؤية أوسع وصدر أرحب وموقف أكثر إيجابية، بما يدفع بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية باستمرار. ستقام الاحتفالات بالذكرى الخمسين لتأسيس الإمارات والتي تلفت أنظار العالم، في القريب العاجل، بما يفتح صفحة جديدة في تاريخها المجيد، ويطلق مسيرة عظيمة للخمسين عامالشماً القادمة. قال الشيخ زايد «كانت أحلامي كثيرة، لكنني لم أستطع أن أفعل شيئاً. ولكنني كنت واثقاً من أن الأحلام سوف تتحقّق في يوم من الأيام». تحدونا الثقة بأنه في ظل القيادة الحكيمة، سيحقق الشعب الإماراتي بجهده وذكائه حلم الإمارات حتماً، الذي يكفّل الازدهار والرخاء الدائمين للبلاد والتسامح والسعادة الغامرة للشعب. تحرص الصين على بذل جهود مشتركة مع الإمارات، في دفع تنفيذ «خطة مئوية» للعلاقات الصينية الإماراتية، بما ينسج فصلاً مشرقاً في العصر الجديد، ويحقق حلم النهضة للبلدين. ختاماً، أتمنى للإمارات الازدهار والرقي ولشعبها السعادة والرفاهية! وأتمنى للصداقة الصينية الإماراتية أن تبقى إلى أبد الآبدين!