جاءت البداية اللافتة في مسار التعاون على هامش قمة غلاسكو «كوب 26» التي اختتمت أعمالها مؤخراً، حيث اتفقت الولايات المتحدة والصين على تعزيز التحرك حيال المناخ. وأعلن الموفد الصيني من أجل المناخ «شي شينهوا» أن الطرفين «يقرّان بالفارق القائم بين الجهود الحالية وأهداف اتفاق باريس للمناخ الذي وقّعه ما يقرب من 200 دولة في عام 2015، وبالتالي سنعمل معاً على تعزيز التحرك حيال المناخ»، مشدداً على أن الاتفاق «يثبت أن التعاون هو السبيل الوحيد للصين والولايات المتحدة، وعليهما تحمل مسؤولية العمل معاً ومع الأطراف الأخرى لمكافحة التغير المناخي». وفيما أقر المبعوث الأميركي للمناخ (جون كيري) بالخلافات بين بلاده والصين، موضحاً أن «التعاون هو السبيل الوحيد لإنجاز هذه المهمة»، فقد أعرب عن ارتياحه لـ«خريطة الطريق» الرامية إلى تحديد «السبُل التي سنعتمدها للحد من الاحتباس الحراري وللعمل معاً على تحقيق الطموحات في مجال المناخ».
لقد وصفت صحيفة «نيويورك تايمز» الاتفاق المشترك بين الولايات المتحدة والصين بشأن «تعزيز التحرك حيال المناخ» بـ«المفاجئ» لآلاف الحاضرين في قمة غلاسكو. وبحسب الصحيفة فإن «الولايات المتحدة والصين، الخصمين اللذين تعيش علاقتهما الثنائية توترات متزايدة بشأن قضايا التجارة وحقوق الإنسان وغيرهما، تحدثتا كحليفتين في الكفاح من أجل الحفاظ على الاحترار العالمي في مستويات آمنة نسبياً». بل أثنت على ذلك الاتفاق كل من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، ممثلين في الأمين العام للأمم المتحدة (أنطونيو غوتيريس) ونائب رئيسة المفوضية الأوروبية (فرانز تيمرمانس) على التوالي، حيث أوضح المسؤول الأوروبي أن البلدين «يبعثان رسالةً مفادها أن هذه المسألة تتخطى المسائل الأخرى، وأنها تتعلق بمصير البشرية ككل، مما يساعد الأسرة الدولية بشكل كبير على الإقرار بأن علينا التحرك الآن». 
وأهمية التعاون بين الصين والولايات المتحدة في مجال المناخ نابعة من كونهما معاً يمثلان حوالي 40% من إجمالي التلوث بالكربون. وبحسب توم وودروف، الزميل بمعهد جمعية آسيا للسياسات، فهذا «يعني أن المستوى المكثف للحوار بين الولايات المتحدة والصين حول المناخ يمكن أن يترجم الآن إلى تعاون». كما قالت جنيفيف مارسيل، مديرة إجراءات سياسة المناخ الأميركية في منظمة الصندوق العالمي للطبيعة، إن الإعلان قدّم «أملاً جديداً» بأن يتم تحقيق هدف الحد من ارتفاع درجات الحرارة عالمياً عند 1.5 درجة مئوية». وقال رئيس الوزراء الأسترالي السابق (كيفين رود)، الذي يرأس الجمعية الآسيوية المعنية بالاتفاقات العالمية حول التغير المناخي، إن الاتفاقية «ليست من الاتفاقيات التي ستغير قواعد اللعبة، لكنها خطوة كبيرة إلى الأمام. الحالة الجيوسياسية الراهنة بين الصين والولايات المتحدة تعتبر سيئة، ولذا فالتوصل إلى هذه الاتفاقية بين واشنطن وبكين في هذا الوقت يعتبر مهماً».
هذا «التعاون المناخي» قاد إلى تعاون أشمل تجلّت بوادره في القمة الافتراضية بين الرئيسين الأميركي والصيني قبل أيام. وهي القمة التي أرخت وتر التوترات السابقة من جهة، وحددت قواعد السلوك اللاحق، والتي تتلخص في محاولة الطرفين تجنّبَ عوامل التأزيم في علاقاتهما، بل تجاوز ذلك إلى الحوار الهادئ الذي يقود إلى الدخول في دائرة الأمل الكبير بتوسع التعاون الحاصل بخصوص المناخ إلى تعاون يشمل مجالات أخرى، ذلك أنه ليس أمام العالم والبشرية سوى التعاون لتوطيد الخير للجميع.

كاتب وباحث سياسي