عرفت الدول العربية الصحافة المطبوعة منذ بداية النصف الأخير للقرن التاسع عشر، إلا أنها لم تعرف الصحافة العسكرية إلا بعد ذلك بحوالي قرن من الزمان بسبب تأخر تأسيس وتنظيم الجيوش العربية.

غير أنه ومع تأخرها في الصدور عوضته بعض الجيوش العربية في ما بعد بتحقيق قفزة نوعية في الصحافة العسكرية، وبخاصة تلك الدول التي عمدت منذ البداية إلى إصدار صحف عسكرية متطورة شكلاً وموضوعاً.

وتأتي في مقدمة الصحافة العسكرية العربية مجلة «درع الوطن»، والتي تحتفل هذه الأيام بيوبيلها الذهبي، إذ كانت أول مجلة عسكرية خليجية ملونة تصدر عن منطقة الخليج العربي. إن انطلاقة مجلة «درع الوطن» قبل خمسين عاماً، شكلت خطوة سباقة وملهمة في مجال الإعلام العسكري، عكست حكمة القيادة الرشيدة بأهمية هذا النوع من الإعلام، ودوره في تعزيز الوعي الثقافي والمعرفي لأبناء القوات المسلحة البواسل، وأفراد المجتمع كافة.

 نجحت مجلة «درع الوطن» خلال مسيرة نصف القرن الماضي في أن تؤسس لنفسها مدرسة خاصة بها في الإعلام العسكري، تتميز بثراء إنتاجها الإعلامي، وعمق تحليلاتها ودراساتها العسكرية والأمنية، وتنوع أطروحاتها ورؤاها لكل ما يتعلق بالقطاع العسكري على المستويات كافة، المحلية منها والإقليمية والدولية، بالإضافة إلى الجانب الاستشرافي المستقبلي الذي ميز طابعها الإعلامي والبحثي.

بفضل هذه الرؤية، تمكنت مجلة «درع الوطن» بكل كفاءة واقتدار من أداء مهمتها المتمثلة ليس فقط في تعزيز الوعي الإعلامي والمعرفي لدى منتسبي القوات المسلحة خاصة وأفراد المجتمع عامة ومواكبة التطور العسكري لقواتنا المسلحة الباسلة، وإنما اتسع نطاق اهتمامها ليشمل متابعة التطورات المتسارعة في ميادين العمل العسكري والتطورات التكنولوجية المرتبطة بها على المستويين الإقليمي والدولي، وتقديم التحليلات والدراسات الموضوعية والمتوازنة، التي تعزز الوعي بشأن هذه التطورات وآفاقها المستقبلية وانعكاساتها على المنطقة، فكانت على قدر طموح القارئ وتطلعاته لإشباع نهمه للعلم والمعرفة عمومًا، وجعلته قريباً من الأحداث، ملماً بأبعادها، وواعياً بتأثيراتها وسيناريوهاتها، بعد أن أبدعت في استثمار التقدم التكنولوجي الهائل وحجزت لنفسها موقعاً ريادياً في الكثير من المنصات الرقمية الإعلامية لتصل رسالتها الإعلامية على أوسع نطاق ممكن.

أصبحت مجلة «درع الوطن» وسيلة من وسائل تواصل القيادة الرشيدة حفظها الله، مع أبناء القوات المسلحة البواسل ومع مختلف فئات مجتمعنا، فالكلمات والتصريحات التي تنشرها صفحات المجلة لأصحاب السمو الشيوخ حكام الإمارات، حفظهم الله ورعاهم، في المناسبات الوطنية، لاسيما في مناسبة اليوم الوطني ويوم الشهيد وذكرى توحيد القوات المسلحة والموجهة لشعب الإمارات وقواته المسلحة، تجعل جميع العاملين في هذه المجلة فخورين بانتمائهم لها وحريصين دائماً على متابعة مسيرة التطوير لتكون متوافقة مع النهضة الشاملة التي تشهدها الإمارات في جميع الميادين.

لقد احتفظت «درع الوطن» بعلاقة شراكة طويلة مع مختلف شركات الصناعات العسكرية على مستوى العالم، فكانت منصة مهمة لعرض منتجات وابتكارات الشركات في الأسواق العالمية، مما مكنها من أن تكون إحدى أهم المنصات الإعلامية العالمية الداعمة للأوساط العسكرية في المنطقة.

ووضعت مجلة «درع الوطن» خطة استراتيجية للاستفادة من كافة أدوات الذكاء الاصطناعي وتوظيفها لدعم المهام الصحفية المختلفة للمجلة وتوسيع دائرة التغطية الإعلامية وتحسين التغطية الإخبارية وتزويد جمهورها الداخلي والخارجي بالمحتوى الإخباري حسب اهتمامه وتفضيلاته مع الاحتفاظ بقصب السبق في المجال الإعلامي العسكري، ونشر الأخبار المتعلقة بالصناعات الدفاعية، عما تعمل على تعزيز علاقات التعاون الاستراتيجي مع مع مختلف شركات الصناعات الدفاعية على مستوى العالم من خلال جعل مجلة «درع الوطن» منصة مهمة لعرض المنتجات والتقنيات الدفاعية كافة.

مجلة «درع الوطن» تتطلع، وهي تخوض غمار الخمسين سنة المقبلة، وتقطف ثمار الإنجاز العظيم، الذي تحقق بفضل توجيهات القيادة الرشيدة أن تقدم المزيد من الإنجازات في حقل العمل الإعلامي الصحفي المتخصص لتكون دوماً درع الوطن المتميزة والمتحدثة بلسان أبناء الوطن جميعاً لنكون جميعاً جنوداً أوفياء للذود عن حياض الوطن وحماته.

* إعلامي وكاتب إماراتي