تغير المناخ وشركات التأمين
قد ينتهي الحال بحملة منع انتشار محطات الفحم إلى مجرد القليل من الهندسة المالية التي قد تتلخص في سحب تغطية التأمين. فقد أعلنت أكثر من 30 شركة تأمين عن فرض قيود على الاكتتاب في مشروعات الفحم، مما يجعل من الصعب على كبار المستثمرين في الفحم الحصول على تمويل مصرفي والاستثمار في المناجم والنقل ومحطات الطاقة.
ومن دون تأمين، ستصبح هذه الاستثمارات محفوفة بالمخاطر للغاية فيما يبدو. ويقود توماس بوبيري، الرئيس التنفيذي لشركة «أكسا» الفرنسية العملاقة للتأمين، ائتلافاً يضم ثماني شركات تأمين كبرى يطلق عليه «تحالف صفر صافي للتأمين».
وأكد بوبيري أن الهدف هو جعل «جميع شركات التأمين تتبع منهجية لا تضمن فيها إلا الشركات الموجهة نحو التحول المناخي وليس تلك التي تعيش عصور حرق الفحم المظلمة». ولا يغطي مشروعات الفحم والنفط أو الغاز الطبيعي المكلفة إلا شركات التأمين الكبيرة. ويؤكد بوبيري أنه «من دون تأمين لا يوجد تمويل. إذا جمعت غالبية السوق على اتباع مبادئ تأمينية صديقة للمناخ، سيكون لذلك تأثير أكبر على التمويل». وذكر أنه دعا إلى اجتماعات التحالف شركات التأمين غير المنضمة لتحالفه. وهذا تحرك ناشط فيما يبدو من الشركات، فهناك عدد من المديرين التنفيذيين للشركات يحاولون استخدام نفوذهم المالي لتحقيق ما واجه النشطاء الآخرون صعوبة في تحقيقه من خلال التنظيم أو التفاوض في فعاليات مثل مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي السادس والعشرين في جلاسجو في نهاية أكتوبر.
والنشطاء تطلعوا إلى الحصول على دعم القطاع الخاص بعد أن وجدوا صعوبة في حشد دعم الحكومات. وجاء على الموقع الإلكتروني لمجموعة «تأمين مستقبلنا Insure Our Future» الناشطة أن «شركات التأمين مستثمر رئيسي و«شركات التأمين الأميركية تستثمر 582 مليار دولار في الوقود الأحفوري، منها نحو 90 مليار دولار في الفحم». وأنهت معظم شركات التأمين الأوروبية، أو قلصت، تغطيتها التأمينية لمشروعات الفحم، لكن لم ينضم إليها عدد من أكبر شركات التأمين في الولايات المتحدة، مثل «أيه. أي. جي.»، و«بيركشير هاثاواي»، وجاء في تقرير لشركة «أيه. أي. جي» في يونيو 2021 أن «تغير المناخ قضية معقدة ولا يستطيع العالم حالياً تلبية احتياجاته من الطاقة من خلال التقنيات الخضراء وحدها».
ورد جيمي كاليونجيس، المتحدث باسم جماعة «صنرايز بروجيكت»، الناشطة في مجال تغير المناخ التي تضغط على الشركات الخاصة، بأن بيتر زافينو الذي أصبح الرئيس التنفيذي لشركة «أيه. أي. جي.» في الأول من مارس، «لم يفعل شيئاً بالمرة لتصحيح مسار المناخ»، منذ توليه المنصب مما يجعل شركته واحدة من آخر شركات التأمين الرئيسية في العالم التي لا تفرض قيوداً على التأمين في مجال الفحم أو استثماراته. وضاقت شركات الفحم بهذا الضغط بالفعل.
وذكرت شركة «بيبودي إنيرجي» في تقريرها السنوي أن البنوك الأجنبية والمحلية وشركات التأمين وكبار المستثمرين يقلصون أو يقطعون علاقاتهم المالية بالشركات المرتبطة بالوقود الأحفوري وأن «لهذا آثاراً سلبية على السيولة وعمليات منتجي الفحم». وتشير تقديرات جماعة «تأمين مستقبلنا» الناشطة أن شركات الفحم تواجه زيادة في أسعار التأمين تصل إلى 40%.
لكن «آشلي بيرك»، المتحدثة باسم «الاتحاد القومي للتعدين» ومقره واشنطن، في رسالة بالبريد الإلكتروني، تؤكد أنه «يتعين على مؤسسات التأمين والمؤسسات المالية الاعتراف بالدور الأساسي الذي مازال الفحم يلعبه في توفير كهرباء ميسورة ويعتمد عليها في جميع أنحاء العالم، وأيضاً توفير الفحم المعدني اللازم لصناعة الصلب». وفي مارس الماضي، أرسل أعضاء «ديمقراطيون» في مجلس الشيوخ: شيلدون وايتهاوس وجيف ميركلي وإليزابيث وارين، والدكتور كريس فان هولين، رسالة إلى إيفان جرينبيرج، الرئيس التنفيذي لشركة «تشب Chubb» للتأمين يحثونه فيها على تقليص تغطية شركات الفحم.
وفي أغسطس وأثناء بطولة التنس المفتوحة في الولايات المتحدة التي شاركت تشب في رعايتها، نظم نشطاء استعراضاً احتجاجياً ضد جرينبيرج. ورفع النشطاء لافتة كُتب عليها «توقفوا عن تأمين أزمة المناخ». وفي سبتمبر وبعد أن قاومت «تشب» ضغوطا لخفض تأمينها واستثماراتها في الوقود الأحفوري، أصبحت «تشب» شركة التأمين السادسة عشرة في قائمة الشركات التي تتخلى عن سياستها بشأن خط أنابيب «ترانس ماونتن» الذي ينقل خام ومشتقات رمال ألبرتا النفطية.
ولم تعد شركة «تشب» تتعهد ببناء وتشغيل محطات جديدة تعمل بالفحم للشركات التي يمثل إنتاج الفحم 30% من عائداتها. وتعهدت شركة كبرى أخرى، «اكسيس كابيتال»، في 20 أكتوبر بإنهاء تأمين أو إعادة تأمين مصانع أو مناجم فحم جديدة أو قائمة، واستخراج الرمال النفطية أو خطوط الأنابيب، ومشروعات النفط والغاز في القطب الشمالي. كما أكدت أنها ستتوقف عن التأمين أو الاستثمار في أي شركة تحصل على أكثر من 20% من إيراداتها من الفحم أو الرمال النفطية. وجاء في بيان لإيلانا سولاكشانا، الناشطة البارزة في مجال تمويل الطاقة في جماعة «شبكة عمل الغابات المطيرة»، أن خطوة شركة أكسيس كابيتال «مهمة على طريق مستقبل مناخي آمن».
*صحفي أميركي حائز على جائزة بوليتزر عن تغطيته لشؤون المناخ.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»