كتبت «ليزا ألسيندور»، التي تأمل في أن تصبح رائدة فضاء يوماً ما السؤال التالي في صفحتها على إنستجرام: «كيف يبدو رائد الفضاء؟»، وإلى جانب السؤال هناك صورة لشخص مختفٍ خلف خوذة معتمة مما يسمح للعقل بالتخيل للحظة صفات مرتدي الخوذة، وما يبدو عليه المسافر عبر الفضاء.
ومهما يكن من الصورة التي تتولد في خيال المتصفح، فإنها لا تضاهي على الأرجح الصورة التي تتجلى مع الاستمرار في التصفح أسفل الصفحة. وتظهر صورة «ألسيندور»، وهي شابة سوداء طويلة الأهداب وهي ترتدي ذات يوم سترة باللون الوردي وعليها طباعة بألوان النمر المرقط وهي ترقص، وفي يوم آخر تجلس مبتسمة أمام محرك صاروخ. وفي إحدى الصور تمسك في يدها جهازاً يبدو معقداً، وبجانب هذه الصورة كُتب «حين تمسك بقمر اصطناعي قيمته مليونا دولار في يدك».
وتبلغ «ألسيندور» 34 عاماً وتعيش في فيرجينيا ولم تذهب إلى الفضاء بعد. لكنها تحاول السفر وخلال مسعاها تحاول تغيير الصورة التي لدى الناس عن رواد الفضاء. فقد دار الحديث في الآونة الأخيرة عن السفر إلى الفضاء حول رجال بيض أصحاب مليارات. ففي 20 يوليو الماضي، انطلق «جيف بيزوس» مؤسس شركة أمازون ومالك صحيفة «واشنطن بوست» إلى رحلة إلى الفضاء في مركبة «نيو شيبارد»، التي طورتها شركة «بلو أوريجين».
وجاءت الرحلة التي شاهدها الناس عبر البلاد بعد تسعة أيام من جولة فضائية مشابهة للملياردير «ريتشارد برانسون» في مركبة «يونيتي 22» لشركة فيرجين جالاكتيك. ووصف بيزوس الرحلة بالقول «أفضل يوم على الإطلاق». ووصف «برانسون» رحلته بأنها «تجربة العمر». وشكلت الرحلتان مرحلة محورية في سباق الفضاء الذي شهد رحلات لشركة سبيس إكس المملوكة لايلون ماسك إلى محطة الفضاء الدولية.
وهذه المناورات شيقة لكل المهتمين بالسفر إلى الفضاء، لكنها جعلت السفر إلى الفضاء يبدو حلماً بعيد المنال للأشخاص الذين ليس لديهم أموال طائلة. ففي المزاد على الحصول على مقعد في رحلة «بيزوس»، وصلت أعلى مزايدة إلى 28 مليون دولار.
وحين اضطر هذا الشخص إلى التأجيل، حل محله شخص يبلغ من العمر 18 عاماً من أسرة ثرية. و«ألسيندور» ليست من هذه الفئة الثرية، لكنها تحاول استخدام مواردها العادية للوصول إلى قمم استثنائية. وعبر التواصل الاجتماعي تصطحب الناس في الرحلة معها. وصفحتها على إنستجرام ألهمت كثيرين. فقد كتبت إحدى المتابعات تقول إنها تجعل ابنتها تشاهد الصفحة لأنها ترى في «ألسيندور» نموذجاً يحتذى للفتيات الأميركيات من أصول أفريقية. وفي حديثي معاها، تكلمت «ألسيندور» عن تجربة قيادة الطائرة وكيف كانت خائفة في أول درس وكادت أن تفقد الوعي، لكنها صمدت وحققت 26 ساعة من الطيران حتى الآن.
وقالت إنها كانت تحدث نفسها قائلة: «يتعين علي القيام بهذا لأن هذا ما يفعله رواد الفضاء». والسيرة الذاتية لألسيندور تشير إلى أنها تسعى لنيل درجة الدكتوراه وحاصلة على درجة البكالوريوس في الاقتصاد وتعمل متعاقدة في وزارة الدفاع (البنتاجون). وقبل ذلك كانت تعمل تعاقدياً في تصميم دروع الجسم في قاعدة فورت بيلفوار في فيرجينيا. وتشير سيرتها الذاتية أيضاً إلى عملها مع الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء (ناسا) في برنامج يتعلق بـ«الجيل التالي من أنظمة الدفع الأساسية للصواريخ».
وذكرت «ألسيندور» أنها شعرت لفترة من الوقت أنها ممزقة بين اهتماماتها الفنية وعملها. ثم شاهدت فيلم «الشخصيات المستترة» الذي يظهر الأدوار الحيوية التي لعبتها نساء سوداوات في ناسا أثناء السنوات المبكرة في برنامج البلاد للفضاء. وتشير «ألسيندور» إلى أن الفيلم كان له الفضل في إشعال شغفها باستكشاف الفضاء وجعلها تتسق مع كل مواهبها وميولها مثل أسلوبها في الموضة وموهبتها في الغناء التي صعدت بها إلى برنامج «أميركان أيدول» في أسبوع هوليوود وشغفها بالعمل. وتقدمت «ألسيندور» بطلب لـ«برنامج رواد الفضاء المواطنين» في منظمة «الفضاء من أجل البشرية».
ولم ترسل المنظمة غير الهادفة للربح فريقاً إلى الفضاء، لكنها تأمل أن تشارك في برنامج في وقت لاحق هذا العام، بحسب قول ريتشل ليونز، المدير التنفيذي للمنظمة في رسالة بالبريد الإلكتروني. ولا نعرف بالطبع إذا ما كانت المنظمة ستختار«ألسيندور» للمشاركة في برنامجها، أم سيتعين على المتقدمة الأميركية ذات الأصول الأفريقية العثور على طريقة أخرى للوصول إلى النجوم. ولم يخل مسعى «ألسيندور» من تحديات. فقد نشأت في ميامي والتحقت بمدرسة قريبة من مشروع إسكان شعبي ولم تعرف قط، بسحب قولها، إذا ما كانت أسرتها مفلسة أم لديها مال. لكن مع محاولتها أن تجعل من نفسها مرشحة للسفر إلى الفضاء تصاعدت نفقاتها. لكنها تصر على ألا تتخلى عن مسعاها. وتقول إنها تعلم أن الناس يراقبونها ويجدون أحلامهم فيها، وخاصة الفتيات ذوات الأصول الأفريقية، والنساء في المجالات التي يهيمن عليها الرجال. وتقول إنها تريد أن تجعل كل هؤلاء يعلمون أن طاقة الإنسان بلا حدود. وكان من أهدافها المبكرة أن تقابل أربعة من رواد الفضاء وحققت هذا الهدف. وفي إحدى صورها على صفحتها على إنستجرام، تظهر«ألسيندور» إلى جانب ماي جيميسون، أول أميركية أفريقية تسافر إلى الفضاء. *صحفية أميركية .
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»