الدول السبع التي عقدت قمتها في كورنويل، جنوب غرب بريطانيا، لم تحقق هدفها الأول متمثلاً في إنتاج لقاح ينهي وباء «كوفيد-19»، ولم تحقق هدفها الثاني، الأكثر أهمية، وهو توظيف موارد كافية للحيلولة دون تغير المناخ العالمي. وبقي سكان العالم مهددين بالوباء، الذي قضى على حياة نحو أربعة ملايين شخص، وأصاب ما يقرب من 179 مليون إنسان آخرين، فيما تتهدد سكان العالم كله كارثة تغير المناخ العالمي، وهي الكارثة التي قد تسبب ضحايا أكبر عدداً وخسائر أفظع دماراً. وسبب الإخفاق الذريع الذي أصاب قمة «السبع الكبرى» في كورنويل أنها لم تكن قمة، ولا عالمية.. وكيف يمكن أن تكون كذلك، إذا اقتصر عدد الدول المساهمة فيها على سبع دول غربية، يقل مجموع سكانها عن عدد سكان الصين وحدها. وقد أحسنت تصوير المناسبة المفارقة دُمية كاريكاتورية أُطلقت في خليج «كورنويل» تمثل الزعيمين الأميركي بايدن والبريطاني جونسن يلوِّحان بأيديهما تحية الوداع. وأقيم لزعماء القمة السبعة نصب ضخم من نفايات المعدات الإلكترونية أبدعه الفنان الإنجليزي «جو رش» المشهور منذ نهاية القرن الماضي بتحويل النفايات إلى أعمال فنية.
وقد وَلَّى الزمن الذي كانت فيه مجموعة صغيرة من الدول تقرر مصير العالم. نبّهت إلى ذلك الصينُ مجموعةَ الدول السبع، في بيان مسهب نشره موقع الإنترنت لسفارة الصين في لندن، وجاء فيه: «إن النظام الدولي لا تقيمه سبع دول، بل يقيمه المجتمع الدولي على أساس ميثاق الأمم المتحدة.. وقد اعتقدنا دائماً أن للبلدان سواء كانت قوية أم ضعيفة، غنية أم فقيرة مكانة متساوية، وينبغي النظر في شؤون العالم عبر تشاور جميع الدول».
والمدهش في بيان سفارة بكين ليس البيان نفسه، الذي يردد حقائق معروفة عن حقوق الدول والمجتمع الدولي، إنما المدهش في ردة فعل الإعلام الغربي عليه، حيث اعتبرته مراسلة «بي بي سي» في واشنطن يعبر عن«موقف عدائي غير مألوف»!
وأثارت ضجة مرح صينية الحجم والظرافة مقالة هزلية لرسام كاريكاتير صيني منشورة في شبكة الإنترنت الصينية («سينو ويبو») التي يبلغ عدد المشتركين فيها 500 مليون. وتصور المقالة الدول السبع كما في لوحة الفنان العالمي ليوناردو دافنشي «العشاء الأخير»، حيث احتل مركزها النسر الأميركي، واستبدل باقي أشخاص اللوحة المشهورة بحيوانات هزلية الملامح ترمز لكل من الدول السبع، المشاركة في قمة كورنويل.
وتوقيت ما يحدث يعادل في الأهمية ما يحدث، بل ويمكن أن يضاعفه، حيث انطلقت «قمة السبع» مثل مهرجان «الفيستا» في إسبانيا، يردفها اجتماع الرئيسين الأميركي بايدن والروسي بوتين في جنيف، والذي أثار مشاعر أكثر حدة مما أثارته قمة كورنويل، بلغت حد التقريع الحاد المتبادل بين بايدن وممثلي الصحف الأميركيةً، كما لو أن المتحدث هو الرئيس السابق دونالد ترامب شخصياً!