يمثل انتخاب دولة الإمارات لعضوية مجلس الأمن للفترة من 2022-2023 خطوة مهمة نحو تعزيز الجهود الرامية إلى تعزيز الأمن والسلم الإقليمي والدولي، خاصة أن الإمارات تتبنى سياسة خارجية هادئة ومتوازنة تنحاز لتطلعات الشعوب في تحقيق الأمن والاستقرار والسلام والتنمية والرفاه والازدهار، وهي منظومة القيم والأهداف التي تأتي في مقدمة أولويات المجتمع الدولي.
تتجه الأنظار الآن إلى دولة الإمارات، وتتزايد الآمال عليها في قيادة الجهود الدولية الرامية إلى تحقيق الأمن والسلم الدوليين، خاصة في ظل دبلوماسيتها النشطة والفاعلة، وعلاقاتها القوية والمتوازنة مع جميع دول العالم، ونهجها السياسي الحكيم الذي يعتمد مبدأ تسوية النزاعات بالطرق السلمية، واعتماد أسلوب الحوار والتفاهم بين الأشقاء والأصدقاء، واحترام المواثيق الدولية وقواعد حسن الجوار، وسيادة الدول ووحدة أراضيها، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، هذا فضلاً عن مبادراتها الرائدة في مجال العمل الإنساني والإنمائي، والتي جعلت منها بحق عاصمة العالم للإخوة الإنسانية.
وهذه المبادئ التي تحرص دولة الإمارات على تأكيدها في سياستها الخارجية وفي مختلف المحافل الإقليمية والدولية، تعكس إدراكها لحجم التحديات والمخاطر التي تواجه المنطقة والعالم في هذه المرحلة المهمة، والمسؤوليات المترتبة على عضويتها في مجلس الأمن، وتأكيد على رغبتها القوية في تعزيز دور المجلس في بناء السلام والأمن والازدهار، وبما ينعكس بشكل إيجابي على جميع شعوب العالم.
منذ إعلان الإمارات في سبتمبر الماضي 2020 عن ترشحها لشغل مقعد غير دائم في مجلس الأمن، وهناك إجماع عربي وإقليمي ودولي على أنها تستحق الفوز بذلك، لأن ما قامت به – وما تزال- من جهود مخلصة ومبادرات مبدعة كان له عظيم الأثر في تعزيز أسس الأمن والسلام والاستقرار على الصعيدين الإقليمي والدولي، لأنها تنطلق في سياستها الخارجية من مبادئ وأسس راسخة، وهي تحقيق السلام والأمن وتعزيز الشمولية والعمل المشترك والتشجيع على حل النزاعات بالطرق السلمية مع دعم جهود الوساطة، وبناء القدرة على الصمود في مواجهة التهديدات الأمنية الجديدة.
«أقوى باتحادنا» كان الشعار الذي جعلته الإمارات عنواناً لحملتها للفوز بمقعد غير دائم في مجلس الأمن، وهو شعار يعبر عن إيمان الإمارات بأهمية التعاون والتوحد في مواجهة التحديات والمخاطر والأزمات التي تواجه المنطقة والعالم من حولنا، والتي لا يمكن التصدي الحاسم والفاعل لها إلا من خلال إرادة دولية موحدة، تتسامى فوق أية خلافات أو انقسامات، من أجل صالح البشرية جمعاء.
في ظل ما يشهده العالم الآن من تحديات معقدة وأزمات متشابكة، وفي ضوء الخلافات بين القوى الكبرى، وغياب الإجماع حول كيفية التعامل مع القضايا الإقليمية والدولية، فإن مجلس الأمن يحتاج الآن بالفعل إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، بما تمثله من سياسات هادئة وحكيمة تعلي من مصالح الشعوب، وتدعم تطلعاتها في الأمن والاستقرار والتنمية والرفاه والازدهار، وبما تقدمه من مبادرات رائدة في المجالات المختلفة، الإنسانية والإنمائية والسياسية والثقافية والأمنية، ستعزز لا شك من جهود مجلس الأمن وتفعيل دوره في حفظ الأمن والسلم والتنمية.
تستطيع الإمارات أن تحقق الكثير من خلال عضويتها غير الدائمة في مجلس الأمن الدولي، فبإمكانها قيادة الجهود الدولية الرامية إلى حل الأزمات والصراعات التي تشهدها المنطقة والعالم أجمع، وتعزيز مبادئ الإخوة الإنسانية والتعايش والتضامن الإنساني، باعتبارها أهم متطلبات تعزيز الأمن والسلم على الصعيدين الإقليمي والدولي. في الوقت ذاته، ستكون الإمارات صوت الدول العربية في مجلس الأمن الذي يطرح قضاياها أمام المجتمع الدولي، ويدافع عنها والحفاظ على مصالحها.
إن فوز الإمارات بعضوية مجلس الأمن يمثل مبعث فخر واعتزاز لكل إماراتي، لأنه يؤكد أنها تسير في الطريق الصحيح الذي رسمته لنفسها، واستطاعت من خلاله أن تثبت بالفعل أنها قوة فاعلة تحظى بالتقدير والاحترام والثقة من جانب العالم أجمع، لأنها تسخر جهودها ومواردها من أجل خدمة البشرية، والإسهام في تقدمها الحضاري والإنساني، فقبل أشهر قليلة، وتحديداً في التاسع من فبراير الماضي، أصبحت واحدة من بين خمسة دول في العالم التي تصل إلى الكوكب الأحمر، وجعلت من «مسبار الأمل» في خدمة البشرية، واليوم تؤكد من خلال عضويتها في مجلس الأمن أنها صوت الحكمة والسلام الذي يعمل من أجل صالح جميع شعوب العالم.
* إعلامي وكاتب إماراتي