هل أصبح الحزب الجمهوري الذي دافع عن مصالح الشركات الكبيرة وسعى إلى إبقاء الأجور منخفضةً منذ نهاية القرن التاسع عشر، حزباً شعبوياً فجأةً؟ بعض النجوم الصاعدة في الحزب قد يجعلونك تعتقد هذا. وعلى سبيل المثال، أعلن السناتور جوش هاول، بعد انتخابات 2020، أنه «يتعين علينا أن نكون حزب الطبقة العاملة وليس حزب وول ستريت». لكن رغم مهاجمة الجمهوريين مؤخراً لأنشطة اقتصادية معينة، فإن مشكلتهم مع الشركات الكبيرة تتعلق بقضايا غير اقتصادية فيما يبدو. ويضايقهم كثيراً أن اتخذت بعض الشركات الأميركية موقفاً متهاوناً لصالح المساواة الاجتماعية وقمع التصويت. ولا يضايقهم أن شركات كثيرة لا تدفع ضرائب، أو القليل منها، وتدفع أجوراً زهيدةً للعمال. وفي هذه الأمور، مازال الحزب الجمهوري كما كان دوماً. فهو مع تقليص الضرائب الذي يحابي الشركات والأثرياء ضد أي شيء قد يحسّن حياة العمال العاديين. وأحدث الأمثلة هو سعي الجمهوريين إلى إنهاء إعانات البطالة المعززة التي أعالت ملايين الأسر الأميركية أثناء الجائحة، رغم أن البطالة ما زالت مرتفعة للغاية. وتحرك عدد من الولايات التي يسيطر عليها الجمهوريون نحو منع الدعم البالغ 300 دولار شهرياً المقدم بموجب خطة الإنقاذ الأميركية، رغم أن هذا يعني بأن الولايات تمنع أموالاً مجانية تساعد في دعم اقتصادها، إذ هو دعم تغطيه الحكومة الاتحادية بالكامل.
من الذي سعى إذن إلى تقليص شديد في المساعدات للعاطلين؟ ولماذا غرفة التجارة الأميركية؟
أخبرني ثانيةً كيف أصبح الحزب الجمهوري حزباً للعمال مناهضاً للشركات؟ وقبل أن أتناول القضايا المحورية هنا من المهم أن ندرك السياق التاريخي وتحديداً أن الجمهوريين عارضوا دوماً مساعدة العاطلين عن العمل مهما كانت حالة الاقتصاد. ففي عام 2011، مع استمرار الكساد الاقتصادي الشديد عقب أزمة 2008 المالية، هاجم جمهوريون بارزون إعانات البطالة التي زعموا أنها تشجع الناس على «البقاء في المنزل ومشاهدة التلفزيون».
وفي الصيف الماضي، أجبر صعود جديد في حالات الإصابة بفيروس كورونا جانباً كبيراً من البلاد على العودة إلى الإغلاق، وحينذاك أعلن السناتور لينزي جراهام أن إعانات البطالة المعززة لن يُمد أجلها إلا «على جثثنا». وأذكر هذه القصص كي أبدد أي وهم لدى القارئ حول احتمال أن الهجوم الحالي على إعانات البطالة هو استجابة سليمة النية على أي شيء يحدث فعلياً في الاقتصاد. ولطالما أصر الحزب الجمهوري على جعل حياة العاطلين بائسة بصرف النظر عن الظروف الاقتصادية. فهل هناك حجّة فعلية على أن الإعانات السخية تضر بالتعافي الاقتصادي لأنها لا تحفّز الأميركيين على قبول الوظائف المتاحة؟
حتى وقت صدور تقرير الوظائف منذ أيام قليلة، كان هناك اتفاق واسع النطاق نسبياً في آراء الباحثين الاقتصاديين مفاده أن الإعانات الموسَّعة التي تم تقديمها أثناء الجائحة لا تقلص فرص التوظيف كثيراً. وانتهاء برنامج الإعانة التي تبلغ قيمتها 600 دولار أسبوعياً والتي تم العمل بها في مارس 2020 لم يؤد إلى أي صعود ملحوظ في التوظيف إجمالاً، وخاصة في الولايات ذات الأجور المنخفضة التي كان يجب أن تخلق فيها الإعانات حوافز كبيرة لرفض عروض العمل، ولم تشهد هذه الولايات توظيفاً أكثر من الولايات ذات الأجور الأعلى بعد إنهاء مدة هذه الإعانات.
وفي الأيام القليلة الماضية، أعلن مكتب إحصاء العمالة أن الاقتصاد الأميركي لم يضف إلا 266 ألف وظيفة في أبريل بفارق كبير عن التوقعات التي ذهبت إلى أننا سنكسب نحو مليون وظيفة جديدة. هل هذا دليل على أن الاقتصاد كان راكداً لأننا ندفع المال لأشخاص لا يعملون؟ الإجابة بالنفي، لأنه لا يمكننا استنتاج الكثير من أرقام شهر واحد، وخاصة في اقتصاد ما زالت الجائحة تشوهه. وعلى سبيل المثال، الأرقام المسجلة المنخفضة «تم تعديلها بحسب الموسم». فقد أضاف الاقتصاد بالفعل أكثر من مليون وظيفة، لكن المكتب قلص هذا الرقم لأن الاقتصاد يضيف عادة وظائف كثيرة في الربيع. وهذه ممارسة معيارية وملائمة، لكن هل لدينا ربيعاً عادياً؟
وإذا كانت إعانات البطالة تمنع نمو الوظائف، فعلينا أن نتوقع أسوأ أداء في الصناعات منخفضة الأجور التي تكون فيها الإعانات كبيرة بالنسبة للأجور. والنمط الفعلي هو العكس، فهناك مكاسب كبيرة في وظائف القطاعات منخفضة الأجور مثل الترفيه والضيافة وهناك خسائر في وظائف القطاعات مرتفعة الأجور مثل الخدمات المهنية. ولا أريد استنتاج الكثير من هذا، لأن هناك أموراً أخرى تجري مع عودة الحياة تدريجياً إلى الوضع الطبيعي. ورغم أن عدد الوظائف يرصد الأوضاع من منتصف أبريل، فمن السابق لأوانه أن يعكس التقدم الشديد في الآونة الأخيرة في التصدي لانتشار فيروس كورونا. لكن البيانات في ظاهرها لا تدعم أي قصة عن الإعانات والبطالة.
فما الذي حدث فعلياً؟ لا ندري تحديداً، لكن ربما كان انحرافاً إحصائياً. وربما هناك طائفة من العوامل، تتفاوت من العجز في الرقائق الإلكترونية إلى قلة رعاية الأطفال، تحول من دون تقدم الاقتصاد. لكن من المعقول أن ننتظر بضعة شهور للحصول على المزيد من الأدلة وليس الاندفاع إلى تقليص شريان الحياة المالي الحيوي لملايين الأسر.
إن ما يفعله الجمهوريون في أي وقت وأي ظرف اقتصادي، وكلما استطاعوا ذلك، هو معاقبة العاطلين. ومازال الحزب الجمهوري حزب أصحاب الشركات بصرف النظر عن الصورة التي يحاول أن يقدم نفسه بها.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
Canonical URL: https://www.nytimes.com/2021/05/10/opinion/jobs-unemployment-benefits-republicans.html