الربط بين الماضي والحاضر والاتكاء عليهما في رسم ملامح المستقبل، وتقدير العطاء والاحتفاء به وتكريمه، سنن حميدة وقيم سامية أصيلة تحرص دولة الإمارات على التمسك بها، وتكريسها، حتى ترسّخ في ذاكرة الأجيال من أبنائها والمقيمين فيها ومحبيها في كل مكان، تجربة متميزة في التنمية وتحقيق النهضة وتسخير الإمكانات والمقدرات لخدمة الإنسان ورفاهيته وتوفير أفضل مستويات الحياة له.
هذا الربط أسس له المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بمقولة خالدة قال فيها: «من لا يعرف ماضيه لا يستطيع أن يعيش حاضره ومستقبله، فمن الماضي نتعلم ونكتسب الخبرة ونستفيد الدروس والنتائج»، حيث لا يمكن لأي شعب أو أمة النجاح والعبور بشكل آمن نحو المستقبل، إذا لم يرتكز ذلك على بُعد حضاري وإرث تاريخي تستفيد منه وتبني عليه نهضتها وتقدّمها على أصول وأسس راسخة ليكون البنيان أكثر صلابة وقوة.
ولأن الإنسان هو الركيزة الأساسية لكل الخطط والمشاريع والاستراتيجيات، وهو أيضاً الغاية والهدف منها، فقد كانت الأولوية دائماً في الفكر الإماراتي الذي بنى منظومة متكاملة في التنمية البشرية تقوم على ثلاثة محاور: الأول، الحرص على تأهيله وتوفير الأسباب كافة التي تمكّنه من العطاء بكفاءة، والثاني، إتاحة الفرصة له للمشاركة والمساهمة بشكل فاعل في مشاريع النهضة وتقديم كل ما يراه مفيداً لمسيرة الوطن، بينما تمثل المحور الثالث في تقدير وتثمين جهوده وعطائه أيّاً كان موقعه والحرص على غرس الشعور لديه بأنه يشكّل جزءاً مهمًاً وعنصراً أساسيّاً في المبادرات التي يسهم فيها.
واليوم وهي تستعد للعبور إلى الخمسين الثانية من مسيرتها المظفرة، لا تغفل الإمارات أن تؤكّد أنها على المستويين الرسمي والشعبي، لا تنسى جميل الصنائع ولا تتنكر لكل من أسهم في وضع لبنة في صرح بنيانها الشامخ وأنها ستظل على دائماً تستذكر وتخلّد الجهود الخيّرة المخلصة، وأن مرور الأيام لن يمحو من ذاكرة أجيالها صورة كل من أعطى بإخلاص، وهو ما يتجلى من خلال مبادرة «الحالمون الأوائل» التي أطلقتها لجنة الاحتفال باليوبيل الذهبي للدولة، بالتعاون مع المؤسسة الاتحادية للشباب لتمكين جميع المواطنين والمقيمين من مشاركة قصص الشخصيات التي أسهمت على مر السنين، أو تلك التي لا تزال تسهم في تشكيل ملامح حاضر دولة الإمارات.
«الحالمون الأوائل»، مبادرة ملهمة تخلّد عطاء السابقين، وتحفّز الأجيال الحالية وتشحذ هممها، وتفتح الآفاق واسعة لأجيال المستقبل لإطلاق العنان لأفكارها ورؤاها والإبداع في صياغتها نحو «إمارات» لا يسبقها أحد.
* عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.