لسنوات عديدة كانت جالوب تقيس ثقة أميركا في مؤسساتها. لم يكن أداء الصحافة جيداً. في عام 2020، كان 24% فقط من الأميركيين لديهم قدر كبير من الثقة في الصحف. وكان 39% لديهم القليل جداً أو لا شيء. وبالنسبة للأخبار التلفزيونية كانت الأرقام الخاصة أسوأ: 18 مقابل 49.
كيف نفسر هذا الافتقار للثقة؟ ربما لأننا نستمر في إثبات أننا لا نستحقها.
يحدث هذا مرة أخرى في أعقاب القتل الجماعي في ثلاث صالات للتدليك في منطقة أتلانتا، حيث كان ستة من الضحايا الثمانية من النساء من أصل آسيوي. الجريمة مروعة ومفجعة. وهوية الجاني واضحة.. فكيف نقرأ عناوين مثل «إطلاق النار في منتجع أتلانتا وعام الكراهية ضد الأميركيين الآسيويين» في قصة إخبارية من «يو إس نيوز & وورلد ريبورت»؟ ولماذا أكدت التقارير حول الحادث من قبل العديد من وسائل الإعلام على عرق ستة من الضحايا بينما لا يوجد، حتى الآن، سوى دليل واحد مشاع (في صحيفة كورية جنوبية) على أن الضحايا تعرضوا للهجوم بسبب عرقهم؟
السبب هو أن لدينا شيئان مهمان وحقيقيان، لكنهما مرتبطان بشكل مشكوك فيه بأسباب تتعلق بالراحة الأيديولوجية.
وإليك ما هو مهم وصحيح: قفزت جرائم الكراهية ضد الأميركيين الآسيويين في 16 مدينة أميركية بنسبة 149% خلال عام 2020 مقارنة بعام 2019، وفقاً لتحليل أكاديمي، حتى مع انخفاض المعدل الإجمالي لجرائم الكراهية بنسبة 7% في نفس الفترة.
والأمر الحقيقي أيضاً أن دونالد ترامب أذكى الكراهية المعادية للمهاجرين، والتي من المحتمل جداً أن تكون قد ساهمت في مذبحة 2018 في كنيس شجرة الحياة في بيتسبرج ومذبحة عام 2019 في وول مارت في إل باسو بتكساس. وقد كانت إشاراته إلى «الفيروس الصيني» جزءاً مميزاً آخر من كراهية الأجانب، وهذا هو السبب في أنه من المفهوم أن يشعر الأميركيون الآسيويون الذين تعاملوا مع المضايقات بأن هجمات أتلانتا أكدت أسوأ مخاوفهم.
لكن إذا كان ينبغي لوسائل الإعلام الإخبارية أن تتعلم شيئاً واحداً، على مدار العشرين عاماً الماضية، فهو أنها يجب أن تكون حذرةً بشكل استثنائي من محاولة ربط حقيقة بأخرى من أجل تقديم سرد مقنع.
في عام 2016، قال دونالد ترامب أشياء لطيفة عن روسيا وويكيليكس، وقيل إن روسيا سعت، باستخدام ويكيليكس، إلى التدخل في الانتخابات الأميركية للمساعدة على انتخاب ترامب. لكن «تبادل المصالح» لم يصنفه أحد على أنه تواطؤ، على الأقل ليس بأي طريقة يمكن مقاضاتها أمام المحاكم.
والآن لدينا معدل متزايد من جرائم الكراهية ضد الآسيويين، وجريمة مروعة يكون فيها الجاني من البيض ومعظم ضحاياه من أصل آسيوي (على الرغم من أن اثنين منهم كانوا من البيض). والإغراء الأيديولوجي القوي هو التعامل مع هذا الأمر على أنه إطلاق نار آخر في سياق بيتسبرج وإل باسو-أو، كما قال أحد عناوين شبكة سي إن إن، «تفوق البيض والكراهية يطاردان الأميركيين الآسيويين».
وتشير الدراسة نفسها التي لاحظت ارتفاع جرائم الكراهية ضد الآسيويين في العام الماضي إلى أن معدل حدوث هذه الجرائم صغير نسبياً، سواء من حيث الأرقام المطلقة (122 حادثاً في عام 2020، من إجمالي 1.717 جريمة كراهية)، أم مقارنة بمجموعات الضحايا الأخرى. وبالطبع، فإن جريمة كراهية واحدة تطغى على جرائم كثيرة جداً، لكن على الرغم من أن التقارير حول هذه الحوادث، قد تكون جزءاً صغيراً من إجمالي الجرائم، فإن النِّسب مهمة.
وبينما يصعب الحصول على بيانات حول هوية الجناة فقد استمرت إدارة شرطة نيويورك في جمع المعلومات العام الماضي. ووجدت أنه من بين جرائم الكراهية العشرين ضد الآسيويين التي تم فيها إلقاء القبض على الجناة، كان اثنان من المعتقلين من البيض، وخمسة من ذوي الأصول الإسبانية، واثنان من أصل لاتيني أسود، والباقي من السود.
ماذا يمكن للمرء أن يستنتج من هذه البيانات المحدودة؟ ليس الكثير بطبيعة الحالي، باستثناء أن فكرة تفوق البيض هي ما يطارد الأميركيين الآسيويين، وهي فكرة محفوفة بالمخاطر. إن الهدف الجدير بالثناء، والمتمثل في «زيادة الوعي» و«مكافحة الكراهية»، لا يعفي الصحفيين من مسؤولية الإبلاغ عن الحقائق بدقة، وليس اللعب على المخاوف في خدمة سلعة أعلى.
في غضون ذلك، يستحق القرّاء معرفة كيف تمكن الجاني من شراء سلاح الجريمة. ويجب أن يعلموا المزيد حول الهوس الديني الذي يُزعم أنه غذى مخاوفه السامة.. وعليهم أن يروا إلى أين قد تؤدي الأدلة، بما في ذلك الاحتمال الذي لا يزال مفتوحاً للعداء العنصري الخفي.
كل هذا سيكون بمثابة صحافة يمكن للجمهور أن يثق بها. وبدلا من ذلك لدينا مسرحيات أخلاقية.
بريت ستيفنز – صحفي أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
Canonical URL: https://www.nytimes.com/2021/03/22/opinion/atlanta-shootings-media.htm