في غضون أيام من توليه المنصب، وصف الرئيس جو بايدن تغير المناخ، بأنه «عنصر أساسي في السياسة الخارجية للولايات المتحدة والأمن القومي»، وكلف «البنتاجون» بدمج التداعيات الأمنية لذلك في استراتيجية دفاعية.
نتيجة لذلك، قال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن: «سيتصرف جيش الولايات المتحدة على الفور لإدراج التداعيات الأمنية لتغير المناخ في تحليلاتنا للمخاطر، وتطوير الاستراتيجية، والتخطيط»، محذراً من أن «تغير المناخ يمثل تهديداً متزايداً للأهداف الدفاعية الأميركية».
ومع ذلك، في عصر يجب على مخططي «البنتاجون» الاستعداد لكل شيء بدءاً من الهجمات الإرهابية وحتى معارك القوى العظمى - وبالنظر إلى البصمة الكربونية الهائلة التي ينتجها الجيش الأميركي في محاولاته لمواجهة هذه المخاطر- فإن وضع تغير المناخ على رأس القائمة سيتوقف في جزء كبير منه على سؤال رئيسي: ما مدى عمق الروح البيئية للبنتاجون؟
في عام 1992، مع تدخل الولايات المتحدة في الصومال، بدأت ثقافة متنامية للوعي البيئي تتشكل في وزارة الدفاع. فقد كانت الولايات المتحدة تقود مهمة للأمم المتحدة لإنهاء الحرب الأهلية والمجاعة في البلاد، ورأى العديد من أفراد الخدمة الأميركية كيف يمكن لكوارث مثل الجفاف أن تؤثر على الأمن.
وفي الآونة الأخيرة، في سوريا، عانى المزارعون من فترة جفاف من 1998 إلى 2012، يُعتقد على نطاق واسع أنها أسوأ فترة من استمرار ندرة الأمطار منذ ما يقرب من 900 عام. في الجزء الشرقي من البلاد على وجه الخصوص، فقد الناس دخلهم ونفق 85% من الماشية في البلاد مع تضاعف أسعار المواد الغذائية. وقام المزارعون اليائسون، بدورهم، بالتجنيد بسهولة في جماعات المعارضة المسلحة، بما في ذلك المتطرفون الإسلاميون.
ومع ذلك، فإن تعزيز الدفاعات العسكرية الأميركية ضد التهديدات الأمنية الناجمة عن ويلات تغير المناخ في جميع أنحاء العالم سيبدو غير صادق دون الاعتراف بالبصمة الكربونية للبنتاجون والتخفيف منها، كما يشير المحللون. إن وزارة الدفاع هي واحدة من أكبر مستهلكي الوقود الأحفوري، ونتيجة لذلك، فهي واحدة من أكبر مصادر انبعاثات غازات الاحتباس الحراري على هذا الكوكب.
لكن هذه الحقيقة استغرقت بعض الوقت لاستيعابها. عندما جاءت التفويضات البيئية من البيت الأبيض، بينما كان «جون كونجر» يشغل منصب مساعد وزير الدفاع للطاقة والمنشآت والبيئة في إدارة أوباما، على سبيل المثال، كان مسؤولو «البنتاجون» يميلون إلى اتخذ المسار القائل، «حسناً، سنخفض الانبعاثات، ولكن فقط في سياق مساعدة مهامنا العسكرية».
يقول كونجر إنه حصل على المزيد من التأييد، عندما ناقش كيف أن الفيضانات الناجمة عن ارتفاع منسوب مياه البحر تلحق الضرر بالمنشآت البحرية -«كيف أن الأمر يتعلق بحماية أنفسنا من البيئة أكثر من حماية البيئة».
لقد كانت حجة فعالة، لا سيما مع التكلفة المرتفعة للأضرار المناخية الشديدة التي لحقت بالقواعد الأميركية بسبب تغير المناخ.
عندما ضرب إعصار مايكل قاعدة «تيندال» الجوية في فلوريدا في عام 2018، تضررت 95% من مباني القاعدة أو دُمرت. كانت المنشأة مقراً لثلث أسطول الخدمة الباهظ الثمن من مقاتلات الشبح «رابتور إف-22»، وتضرر 17 من الطائرات عندما انهار سقف حظيرة الطائرات عليها أثناء العاصفة.
بلغت تكلفة كل هذه الإصلاحات ما يقرب من 5 مليارات دولار، لم يتسبب أي هجوم للعدو على القواعد الأميركية في العراق أو أفغانستان في إحداث هذا القدر من الضرر. وبعد شهرين، مزق إعصار القاعدة.
يقول كونجر: لذلك عندما قالت إدارة ترامب: «حسناً، لا داعي للقلق بشأن مسائل تغير المناخ هذه بعد الآن»، كان رد الفعل داخل البنتاجون، «حسناً، لكننا سنفعل ذلك على أي حال لأنه يؤثر على مهمتنا».
نتيجة لذلك، قام البنتاجون لسنوات بمتابعة عدد من مشاريع الطاقة البديلة في القواعد العسكرية، مع تثبيت حقول الألواح الشمسية، على سبيل المثال، مجاناً من قبل الشركات التي تبيع بعد ذلك الكهرباء المنتجة من الطاقة الشمسية للجيش بأسعار أرخص مما كانت تحصل عليه من شبكات البلدية.
لكن يجب أيضاً زيادة ميزانيات الإصلاح، بحسب ما يرى المحللون، مشيرين إلى أن أنظمة الطاقة الفعالة لا تعمل بشكل جيد عندما تكون هناك ثقوب في السقف. هذا هو السبب في أن كبار مسؤولي الدفاع يؤكدون على تخصيص 116 مليار دولار لأعمال الصيانة المتراكمة في القواعد الأميركية، حيث إن ما يقرب من ربع المنشآت العسكرية في حالة «سيئة» وتقريباً واحد من كل 10 في حالة «متدهورة»، وفقاً لوزارة الدفاع.
على صعيد استهلاك الوقود - الذي يمثل ما يقرب من ثلثي البصمة الكربونية للجيش - هناك الكثير الذي يمكن للبنتاجون القيام به لدفع الطلب على المركبات الكهربائية وتطويرها، كما يقول المحللون. في جميع أنحاء البلاد، يستأجر البنتاجون حوالي 160 ألف سيارة من إدارة الخدمات العامة للتجول حول القواعد.
قد تعني التوجيهات الأخيرة وضع المزيد من السيارات الكهربائية في هذه الأساطيل. في حين أن هذه الخطوة لن تخفض بشكل كبير البصمة الكربونية لوزارة الدفاع، فإن التأثر الذي تحدثه القوة الشرائية للجيش على أسواق هذا النوع من السيارات ستساعد في تعزيز صناعة السيارات الكهربائية.
ومع ذلك، فإن أكبر مستهلكي الوقود ليس السيارات أو الشاحنات أو حتى الدبابات، بل الطائرات. فطائرات الشحن والناقلات ذات الهياكل العريضة، على سبيل المثال، هي أكبر مصدر لانبعاث الكربون مقارنة بالطائرات المقاتلة. نتيجة لذلك، لإجراء تغييرات طويلة الأمد في انبعاثات الكربون في وزارة الدفاع، سيكون من الضروري ابتكار طريقة جديدة لتشغيل الطائرات، كما يقول المحللون.
في أعقاب مبادرات إدارة بايدن المناخية، يمكن أن تكون مثل هذه التطورات في الأفق. وجدت دراسة صدرت هذا الأسبوع أن وقود الطائرات المصنوع من بقايا الطعام، على سبيل المثال، يمكن أن يخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 165% مقارنة بالطاقة الأحفورية. ويقول «كونجر» إنه نظراً لتغير موقف إدارة ترامب بشأن مخاوف المناخ، فإن العديد من الوكالات الفيدرالية «شعرت أنها بحاجة إلى القيام بتغيير جذري بشأن تغير المناخ - ولكن ليس وزارة الدفاع».
آنا مورلين جروب
صحفية متخصصة في شؤون الدفاع والأمن القومي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»