احتفل العالم كله مؤخراً بيوم المرأة العالمي الذي يصادف 8 مارس من كل عام، كما لو أن العالم متهم بالانتقاص من كرامة المرأة وحقوقها وتكبيل حريتها.. ومن ثم فلابد من التعاطف معها، أو كأن صون مكانة المرأة دخيل علينا للتو!
الله سبحانه وتعالى كرّم المرأة وصان شرفها وسمعتَها واعتبرها كائناً إنسانياً مثلها مثل الرجل، ونجد القرآن الكريم يصفها بأنها أحد شطري البنية الإنسانية، إذ يقول تعالى: «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل». وذُكرت المرأة في أكثر من عشر سور من القرآن الكريم، وقد خصها الله بسورة النساء.
والأنثى والذكر يشكلان أساس المجتمع لا فرق بينهما، وديننا الإسلامي أنصفها وكرّمها وأنقذها من «وأد البنات» أيام الجاهلية، وشرع لها حقوقها وواجباتها، وصان كرامتها وحريتها وستْرها وحشمتها.
وخير مثال هو القصص التاريخية حول معارك المرأة إلى جانب أخيها الرجل في المجتمعات العربية والإسلامية، حيث سطرت بطولات وإنجازات عظيمة وملهمة، وكتب عنها الشعراء قصائد المدح والرثاء والاستبسال والإنصاف.
وخير دليل على مكانة المرأة ودورها وصية الرسول صلى الله عليه وسلم في خطبة حجة الوداع عام 632 هجرية. ولم يقف الإسلام عند حد إشراك المرأة في المسؤوليات، بل رفع من شأنها وقرر احترام رأيها، شأنها شأن الرجل.
والمرأة هي جدتنا وأمنا وأختنا وزوجتنا وبنتنا وعمتنا وخالتنا وحماتنا، وهي كذلك معلمتنا وطبيبتنا ومديرتنا.. ولا مجال للاعتقاد بأننا اكتشفنا مكانتها اليوم فقط! والمرأة اليوم ليست بحاجة لشفقتنا؛ فالتشريعات الدينية والوضعية والنظم القانونية والإدارية.. كلها مع المرأة، ولا يمكن تصويرها على أنها الحلقة أو الكائن الأضعف. لقد استغل البعض مظلمة المرأة بدون مبرر أو مسوغ، وهو ما ينبغي أن يتوقف في هذا العصر الذي يعد عصر المرأة بامتياز. بل لقد أصبح الرجل في بعض الأحيان هو من يحتاج إلى المطالبة بحقوقه كي يتساوى مع المرأة، وذلك لكي تتوازن الأمور وتعتدل وتكتمل مسيرة الحياة الحقيقية بين الرجل والمرأة، دون تمييز ولا عنصرية جنوسية!
وحتى تستمر مسيرة الحياة أيضاً على الرجل أن يقوم بمهامه وفق نظام توزيع المسؤوليات والواجبات بين الذكر والأنثى، لتواصل عجلة الحياة دورانها بشكل طبيعي، وتتكون مؤسسة صغيرة لتربية الأطفال (الأسرة) وحمايتهم من الضياع والانحراف.
بعد التطور العلمي والتكنولوجي وتغير أنماط الحياة التي أصبح كثير منها معلباً وجاهزاً، تغيرت الأمور وتبدّلت المشاعر وزادت التعقيدات، بدأت الأسر تتفكك والعوائل تتخلى عن كثير من عاداتها وتتملص من منظومة القيم السابقة التي كانت مظلة حماية للأسرة والمجتمع!
واليوم هناك الكثير من الكتاب والمثقفين والمغردين.. يحتفلون باليوم العالمي للمرأة، ويعتبرون أنها لازالت تقاوم وتناضل وتقاتل من أجل حقوق مسلوبة منها على يد الرجل، والذي يتم تصويره في هذه الحالة على أنه الظالم المتغطرس والرجعي المفترس وغير المبالي!
والحقيقة أن المرأة الآن موجودة في كل المواقع وتلعب كل الأدوار، فهي طبيبة ومهندسة وكاتبة ورئيسة تحرير وكاتبة عدل وقاضي وضابط ووزيرة وسفيرة وعضو برلمان.. وكثيراً ما تفوقت دراسياً على الرجل وفقاً لإحصائيات منشورة، ولها الأولية في طابور إنهاء المعاملات بسرعة! ومع ذلك يدعي البعض أنها مظلومة ومضطهدة!
*كاتب سعودي